فصل: الفن الخامس أحوال الأنف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون **


 الفن الخامس أحوال الأنف

وهو مقالتان‏:‏

 المقالة الأولى الشمّ وآفاته والسيلانات

 فصل في تشريح الأنف

تشريح الأنف يشتمل على تشريح عظامه وغضروفه والعضل المحركة لطرفيه وذلك مما فرغ منه‏.‏

ومجرياه ينفذان إلى المصفاة الموضوعة تحت الجسمين المشبهين بحلمتي الثدي والحجاب الدماغي هناك أيضاً يثقب ثقباً بإزاء ثقبة من المصفاة لينفذ فيها الريح ويؤدّي ولكل مجرى ينفذ إلى الحلق وتشريح الآلة التي بها يقع الشم وتلك هي الزائدتان الحلميتان اللتان في مقدّم الدماغ ويستمدان من البطنين المقدمين من الدماغ وكذلك تتصفّى الفضول في تلك النقب‏.‏

ومن طريقها ينال الدماغ والزائدتان الناتئتان منه الرائحة ينشق الهواء‏.‏

والدماغ نفسه يتنفس ليحفظ الحار الغريزي فيه فيربو ويأزر كالنابض وقد يربو عند الصياح وعند اختناق الهواء والروح إلى فوق‏.‏

وفي أقصى الأنف مجريان إلى الماقين ولذلك يذاق طعم الكحل بنزوله إلى اللسان‏.‏

وأما كيفية الشم فقد ذكرت في باب القوى‏.‏

وأما أن الرائحة تكون في الهواء بانفعال منه أو تأدية أو بسبب بخار يتحلّل فذلك إلى الفيلسوف وليقبل الطبيب أن الشمّ قد يكون في الأصل باستحالة ما من الهواء على سبيل التأدية ثم يعينه سطوع البخار من في الرائحة‏.‏

وإذ قد ذكرنا تشريح الأنف ومنفعته والعضل المحركة لمنخريه فيما سلف فالواجب علينا الآن أن نذكر أمراضه وأسبابها وعلاماتها معالجاتها‏.‏

 فصل في كيفية استعمال الأدوية للأنف

اعلم أن معالجات الأنف منها ما لا يختصّ بأن يكون من طريق الأنف مثل الغراغر والأطلية على الرأس ومنها ما يختصّ به مثل البخورات والشمومات ومثل السعوطات وهي أجسام رطبة تقطر في الأنف ومنها النشوقات وهي أجسام رطبة تجتذب إلى الأنف بجذب الهواء‏.‏

ومنها نفوخات وهي أشياء يابسة مهيأة تنتفخ في الأنف ويجب أن تنفخ في الأنبوب وكل من أسعطته شيئاً فمن الصواب أن يملأ فمه ماء ويؤمر بأن يستلقي وينكس رأسه إلى خلف ثم يقطر في أنفه السعوطات‏.‏

ويجب أن ينشق كل ما يجعل في الأنف إلى فوق كل التنشّق حتى يفعل فعله وكثيراً ما يعقب الأدوية الحادة المقطّرة في الأنف والمنفوخة فيها لذع شديد في الرأس وربما سكن بنفسه وربما احتيج إلى علاج بما يسكن والأصوب أن يكون على الرأس عندما يسعط بشيء حاد حريف خرق مبلولة بماء حار وقد عرق قبله إما بلبن حلب عليه أو دهن صب عليه مثل دهن حبّ القرع ودهن الورد ودهن الخلاف فإذا فعل السعوط فعله أتبع بتقطير اللبن في الأنف مع شيء من الأدهان الباردة فإنه نافع‏.‏

 فصل في آفة الشمّ

الشمّ تدخله الآفة كما تدخل سائر الأفعال فإنّ الشمّ لا يخلو إما أن يبطل وإما أن يضعف وإما أن يتغير ويفسد بطلانه وضعفه على وجهين فإما أن يبطل ويضعف عن حس الطيب والمنتن جميعاً أو يبطل ويضعف عن حس أحدهما‏.‏

وفساده تغيّره أيضاً على وجهين‏.‏

أحدهما‏:‏ أن يشمّ روائح خبيثة وإن لم تكن موجودة‏.‏

والثاني‏:‏ أن يستطيب روائح غير مستطابة كمن يستطيب رائحة العذرة ويكره المستطابة‏.‏

وسبب هذه الآفات‏.‏

إما سوء مزاج مفرد وإما خلط رديء يكون في مقدّم الدماغ والبطنين اللذين فيه أو في نفس الشيئين الشبيهين بحلمتي الثدي وأما شدّة في العظم المشاشي عن خلط أو عن ريح أو عن ورم وسرطان ونبات لحم زائد أو سدّة في الحجاب الذي فوقه‏.‏

وكثيراً ما يكون الكائن من سوء المزاج المفرد حادثاً من أدوية استعملت وقطورات قطرت فسخّنت مزاجاً أو أخدرت وبردت أو فعل أحد ذلك أهوية مفرطة الكيفية وقد يكون من ضربة أو سقطة تدخل على العظم آفة‏.‏

العلامات‏:‏ إذا عرض للإنسان أن لا يدلك الروائح ووجدت هناك سيلاناً للفضول على العادة فلا سدّة في المصفاة وإن وجدت امتناع نفوذ النفس في الأنف وغنة في الكلام فهناك سدّة في نفس الخيشوم وإن احتبس السيلان ولم يكن لسوء مزاج الدماغ وقلّة فضوله وكان ما دون المصفاة مفتوحاً فهناك سدّة غائرة‏.‏

وإن كان السيلان جازياً على العادة ولا سدّة تحت الخيشوم وما يليه فالآفة في الدماغ فتعرف مزاجاته وأفعاله وأحواله مما قد عرفته وكذلك إن كان ضعف في الشمّ ونقصان‏.‏

وأما إن كان يجد ريح عفونة ويستنشق نتناً فالسبب فيه خلط في بعض هذه المواضع عفن يستدلّ عليه بمثل ما علمت‏.‏

وإذا اشتم في الأمراض الحادة روائح غير معتادة ولا معهودة ولا عن شيء ذي رائحة حاضر ومع ذلك يحسّ رائحة مثل السمك أو الطين المبلول أو السمن وغير ذلك وهناك علامات رديئة فالموت مظل‏.‏

وإن كان سببه سوء المزاج فيجب أن يعالج بالضدّ ويقصد مقدّم الدماغ من النطولات والشمومات والنشوقات والأطلية والأضمدة المذكورة في باب معالجات الرأس‏.‏

وأكثر ما يعرض من سوء المزاج هو أن يكون المزاج بارداً إما في البطنين المقدّمين بكلتيهما أو في نفس الحلمتين‏.‏

وأنفع الأدوية لذلك السعوطات المتخذة من أدهان حارة مدوفاً فيها الفربيون والجندبيدستر والمسك‏.‏

وإن كان السبب فيه خلطاً في بطون الدماغ استدلّ عليه بما قيل في علل الدماغ‏.‏

واستفرغ البدن كله إن كان الخلط غالباً على البدن كله أو الدماغ نفسه بما يخرج ذلك الخلط عنه بالشبيارات والغراغر والسعوطات والنشوقات والشمومات الملطفة وما أشبه ذلك مما قد عرفته‏.‏

وإن احتيج إلى فصد العرق فعل يرجع في جميع ذلك إلى الأصول المعطاة في علاج الدماغ‏.‏

وإن كان السبب سدّة في العظم المشاشي المعروف بالمصفاة استعمل النطولات المفتحة المذكورة في باب معالجات الرأس فينطل بها ويكبّ على بخارها ويستنشق منها مدوفاً فيهما فلفل وكندس وجاوشير ويجب أن يلزم الرأس المحاجم بعد ذلك وغرغرة بالأشياء المفتحة الحارة‏.‏

ومما جرّب الشونيز ينقع في الخلّ أياماً ثم يسحق به ناعماً ثم يخلط بزيت ويقطر في الأنف وينشق ما أمكن إلى فوق وربما سحق كالغبار ثم خلط بزيت عتيق ثم سحق مرة أخرى حتى يصير بلا أثر‏.‏

ومما جرّب وذكر أن يؤخذ زرنيخ أحمر وفوتنج يسحقان جيداً ويغمران ببول الجمل الأعرابي ويشمّس ذلك كله ويخضخض كل يوم مرتين فإذا انتشق الدواء البول أعيد عليه بول جديد ثم يبخر الأنف بوزن درهم منه ثم يعرّق من دهن الورد ومما مدح للسدّة الريحية السعط بدهن لوز مرّ جبلي أو نفخ الحرمل والفلفل الأبيض مدوفين فيه‏.‏

وقد ذكر بعضهم أن قشر الرتة إذا جفّف ونفخ سحيقه في الأنف كان نافعاً‏.‏

وإن كان السبب فيه بواسير عولج بعلاج البواسير‏.‏

وأما الذي يحسّ الطيّب ولا يحسّ النتن فلا يزال يسعط بجندبيدستر مراراً حتى يصلح‏.‏

وأما الذي يحسّ النتن ولا يحس الطيّب فلا يزال يسعط بالمسك حتى يحسن حاله ويصلح‏.‏

 فصل في الرعاف

الرعاف قد يكون قطرات وقد يكون هائجاً لحقن شديد وبسبب غلبة من الدم العالي بقوة وربما كان الانفجار عن شبكة عروق الدماغ وشرايينه وهو غير قابل في الأكثر للعلاج‏.‏

وأكثره يكون عقيب حدوث صداع والتهاب ومرض حاد أو عقيب سقطة أو ضربة ويتبعه أعراض فساد أفعال الدماغ لا محالة وربما كان لبخارات حارة متصعدة‏.‏

والذي يكون عن الشرايين يتميز عن الذي يكون عن الأوردة لرقّته وحمرته وحرارته وأيضاً فقد يكون عائداً بأدوار وقد يكون عائداً دفعة‏.‏

وسيلان الرعاف من الأحوال التي تنفع وتضرّ‏.‏

ومن وجد عقيبه خفّة رأس عن امتلاء واعتدال لون عن حمرة شديدة واعتدال سحنة بعد انتفاخ فقد انتفع به لا سيما في الأمراض الحارة وفي الأورام الباطنة وخاصة الدموية والصفراوية في الدماغ ثم في الكبد ثم في الحجاب ثم في الرئة فإن نفع الرعاف في ذات الجنب أكثر منه في ذات الرئة‏.‏

والرعاف بحران كثير في أمراض حادة كثيرة وخاصة مثل الجدري والحصبة وأما إذا أسرف فأعقب صفرة لم تكن معتادة أو رصاصية أو كمودة من صفرة واسوداد وذبولاً مجاوزاً للعدّ وبرد الأطراف فإنه وإن احتبس فعاقبته محذورة‏.‏

ومن حال لونه إلى الصفرة فقد غلب عليه المرار الأصفر وتضرّره بإخراج الدم أقل‏.‏

ومن حال لونه إلى الرصاصية فقد غلب عليه البلغم‏.‏

ومن حال لونه إلى الكمودة فقد غلب عليه المرار الأسود‏.‏

وهذان شديداً الضرر بما نقص من الدم‏.‏

والجميع ممن أفرط عليه الرعاف على خطر من أمراض ضعف الكبد والاستسقاء وغير ذلك‏.‏

وأشد الأبدان استعداداً للرعاف هو المراري الصفراوي الرقيق الدم وينتفع بالمعتدل منه‏.‏

وللرعاف دلائل مثل التباريق يلوح للعينين والخطوط البيض والصفر والحمر وخصوصاً عقيب الصداع وسائر ما فصل حيث تكلمنا في الأمراض الحادة وبحراناتها وقد يستدل من الرعاف وأحواله على أحوال الأمراض الحادة وبحارينها وقد ذكرناه في الموضع الأخص به‏.‏

أما البحراني وما يشبهه من الواقع من تلقاء نفسه فسبيله أن لا يعالج حتى يحس بسقوط القوة وربما بلغ أرطالاً أربعة منه ويجب أن يحبس حين يفرط إفراطاً شديداً‏.‏

وأما غيره فيعالج بالأدوية الحابسة للرعاف‏.‏

وأما الكائن بسبب استعداد البدن ومراريته فيجب أن يداوم استفراغ المرار منه وتعديل دمه بالأغذية والأشربة‏.‏

والفصد أفضل شيء يحبس به الرعاف إذا فصد ضيقاً من الجانب الموازي المشارك وخصوصاً إذا وقع الغشي فأما الأدوية الحابسة للرعاف فهي إما شديدة القبض وإما شديدة التبريد والتغليظ والتجميد وإما شديدة التغرية وإما حادة كاوية وإما الدوية لها خاصية وإما أدوية تجمع معنيين أو ثلاثة‏.‏

والقوابض مثل عصارة لحية التيس والقاقيا ومثل الجلنار والورد والعدس والعفص ومثل عصارات أوراق العوسج وورق الكمثري وورق السفرجل وعصا الراعي والمبردات فمثل الأفيولت والكافور وبزر البنج والجصّ وبزر الخس وعصارته والخلاف وماء بلح النخل ولسان الحمل والقاقلي كلها غير مطبوخة‏.‏

والمغريات مثل غبار الرحى ودقاق الكندر‏.‏

وأما الكاوية مثل الزاجات والقلقطار وهذه إذا استعملت فيجب أن تستعمل بالاحتياط فإنها ربما أحدثت خشكريشة إذا سقطت جلبت شراً من الأولى‏.‏

وأما التي لها خاصية مثل علاج الخفيف من الرعاف‏:‏ أما السعوطات فيؤخذ ماء بلح النخل وقاقيا من كل واحد نصف أوقية كافور حبة لا يزال يقطر في الأنف ومنها عصارة البلح مع عصارة لحية التيس وكافور وأيضاً ماء البلح مع عصارة الكراث وأيضاً الماء الملح المر يقطر في الأنف وماء الكزبرة وأيضاً عصارة القاقلي بحالها غير مطبوخة وأيضاً ماء القثاء بكافور وأيضاً عصارة الباذروج بكافور أو عصارة لسان الحمل مع طين مختوم وكافور أو عصارة عصا الراعي معهما‏.‏

ومما هو بالغ في ذلك الباب عصارة روث الحمار الطري وإن أحسست كثرة دم فالزنجار المحلول في الخل يقطر يسيراً يسيراً وأيضاً استعمال سعط من سحيق الجلنار ناعماً بماء لسان الحمل وأيضاً ماء ديف فيه أفيون‏.‏

ولا يجب أن يفرط صبّ الماء الشديد البرد فربما عقد الدم وأجمده في أغشية الدماغ‏.‏

وههنا سعوطات كتبت في الأقراباذين غاية جيدة‏.‏

وأما الفتائل تؤخذ فتيلة وتغمس في الحبر ثم ينثر عليه زاج حتى يغلظ الجميع ثم يدس في الأنف وأيضاً تؤخذ عصارة ورق القريص وقلقطار ووبر الأرانب وسرقين الحمار يابساً ورطباً وعصارة الكرّاث وكندر ويتخذ منه فتيلة‏.‏

ومما جرب فتيلة متخذة من الحضض الهندي المحرق وماء الباذروج وأيضاً فتيلة من غبار الرحى ودقاق الكندر وصبر بالخلّ وبياض البيض وأيضاً فتيلة متخذة من زاج وقرطاس محرق وقشار الكندر بماء الباذروج وأيضا فتيلة مبلولة بماء الورد مغموسة في قلقطار وصبر أو فتيلة من ماء الكراث مذروراً عليه نعناع مسحوق أو فتيلة من اسفنج وزفت مذاب مغموسة في الخل أو تتخذ فتيلة من سراج القطرب أو نسج العنكبوت بقلقطار وزاج وقليل زنجار أو فتيلة متخذة من وبر أرنب منفوش مغموس في الكندر والصبر المعجونين ببياض البيض وأيضاً فتيلة متخذة من زاج محرق جزءين أفيون جزء يجمع بخلّ أو فتيلة من قشور البيض محرقة تخلط بحبر وعفص‏.‏

وأما النفوخات فمنها الحضض الهندي المحرق وأيضاً ضفادع محرقة تذر في الأنف وأيضاً غبار الرحا أو تراب حرف أبيض أو نورة وأيضاً قشار الكندر وقرطاس وزاج أجزاء سواء ينفخ في الأنف وأيضاً قشور شجرة الدلب مجففة مسحوقة يجب أن يؤخذ ذلك بالدستبان على المسح فيؤخذ زئبره ويجعل في كيزان جحد بترابها وإن كان معها تراب الفخار فهو أجود وتسد رأسها حتى يجف في الظل ويسحق عند الحاجة كالهباء وينفخ في الأنف فيحتبس الرعاف على المكان أو قشور البيض مسحوقة وأيضاً قصب الذريرة ونوار النسرين وبزر الورد والقرنفل من كل واحد درهم مرّ وعفص من كل واحد نصف درهم قليل مسك وكافور ينفخ في الأنف أياماً متوالية وإذا نفخت النفوح فيه فليمسك الأنف ساعة وأما الأطلية والصبوبات فمنها طلاء على الجبهة بهذه الصفة ونسخته‏:‏ يؤخذ عصارة ورق الخلاف وورق الكرم وورق الآس وماء ورد مبرد الجميع ويلزم الجبهة بخرق كتان وكذلك يتخذ من جميع الأدوية الباردة القابضة والمخدرة المعروفة مدوفة في العصارات المبردة المقبضة مثل عصارة أطراف الخلاف والعوسج وقضبان الكرم وورق الكمثري والسفرجل وعصا الراعي أطلية وأضمدة‏.‏

وأما المشمومات فروث الحمار الطري وأما الحشايا فأن يحشى بريش القصب وبرؤوس المكانس وبقطن البردي أو قطن سائر ما يخرج من النبات‏.‏

وأما الصعب من ذلك الكائن لغليان حرارة شديدة أو انفجار الشرايين فلا بدّ فيه من فصد القيفال الذي يلي ذلك المنخر فصداً ضيقاً جداً ومن الحجامة في مؤخر الرأس بشرط خفيف وعلى الثدي الذي يليه تعليقاً بلا شرط وربما احتيج أن يخرج الدم بالفصد إلى الغشي من القيفال ومن العرق الكتفي الذي من خلف فإنه أبلغ لأنه يمنع الدم أن يرتفع إلى الرأس فإنه إذا أدى إلى الغشي سكن على المكان وذلك في الرعاف الشديد حافر بل يجب أن يبادر في الوقت كما يحس بشدة الرعاف وحفره قبل أن تسقط القوة‏.‏

أما إن لم يكن حفر شديد ولكن كان قطرات أو كان بنوائب فيجب أن يكون الفصد قليلاً قليلاً مرات متوالية وإذا بلغ الفصد مبلغ الكفاية فيجب أن يقبل على تغليظ الدم بما يبرده وبما يخثره وإن لم يبرد مثل العناب‏.‏

وأما المحجمة فإنها لا تقدر على مقاومة الدم الغالب بل يجب أن ينقص أولاً بالإخراج بالفصد ثم يوضع المحجمة‏.‏

ووضع المحاجم على الكبد إن كان الرعاف من اليمين وعلى الطحال إن كان الرعاف من اليسار وعليهما جميعاً إن كان من الجانبين من أجل المعالجات‏.‏

ويجب أيضاً أن يشد الأطراف حتى الخصيتان والثديان من النساء‏.‏

وشد الأطراف والأذنين غاية جداً‏.‏

ويجب أن يستعمل نطول كثير بالماء البارد وربما احتيج إلى أن يجلس العليل في الماء المبرّد بالثلج حتى تخضر أعضاؤه وربما احتيج أن نجصص رأسه بجصَّ ميت أو بجصّ محلول في خل وأن يصب على رأسه المياه المبرّدة بالثلج حتى تخدر وربما لم يوجد فيه من الفتائل قوية الزنجارية ومن ماء الباذروج بالكافور ومن الموميائي الخالص يسعط به زنة درهم ولا أقلّ من أن يمسك الماء البارد المثلوج في فمه‏.‏

واعلم أنه ربما عاش الإنسان في رعافه إلى أن يخرج منه فوق عشرين رطلاً وإلى خمسة وعشرين رطلاً دماً ثم يموت وربما كان الغشي الذي يقع منه سبباً لقطعه‏.‏

وأما الأغذية فعدسية بسمّاق أو بخل أو بحصرم وما أشبه ذلك‏.‏

والجبن الرطب من الأغذية الملائمة للمرعوفين‏.‏

وكذلك الألبان المطبوخة حتى تغلظ والبيض المسلوق لمن يستعد للرعاف لمرارة دمه على أن الحوامض ربما ضرّت بالمراعيف لما فيها من التقطيع والتلطيف‏.‏

وقد زعم جماعة من المجرّبين أن أدمغة الدجاج لَمِنْ أفضل الغذاء لهم بل من أفضل الدواء لمن به رعاف من سقطة وضربة ولكن يجب أن يكثر منه ويكون مرات متوالية‏.‏

وأما الشراب فإنه ينفع من حيث أنه يقوي ويضرّ من حيث أنه يهيج الدم‏.‏

فإذا اضطررت إليه من حيث يقوي فامزجه قليلاً وإذا لم تضطر إليه ولم يكن الرعاف قد ناهز إسقاط القوّة فلا تسقه‏.‏

ويجب أن يراعى حتى لا ينزل شيء منه إلى البطن فينفخ المعدة ويضعف النبض ويهيج الغشي فإن نزل شيء فيجب ما دام في المعدة أن يتقيأ ويبادر ذلك كما يحسّ بنزوله إلى المعدة فإن جاوزها فيجب أن يحقن ليخرج بسرعة ولا يبقى في المعدة‏.‏

وفي التدبير المرعف‏:‏ أن الضرورة ربما صوّبت الترعيف وخصوصاً في الأمراض الدماغية ولذلك ما كان القدماء يتخذون آلة مرعفة تعقر الأنف ليعالجوا بذلك كثيراً من الأمراض الدماغية ولذلك ما كان القدماء يتخذون آلة مرعفة تعقر الأنف ليعالجوا بذلك كثيراً من الأمراض المحتاج في عاقبتها إلى رعاف سائل‏.‏

ومن التدبير في الترعيف الدغدغة بأطراف النبات الليّن الجسّ الخشن خصوصاً الذي ينبت على العشب الأذخري كالزهر ويكون كالعنكبوت والشياف المتخذ من فقاح الأذخر أو من الفوذنج البري أو المتخذ من الأدوية الحادة

 فصل في الزكام والنزلة

هاتان العلتان مشتركتان في أن كل واحد منهما سيلان المادة من الدماغ لكن من الناس من يخصّ باسم النزلة ما نزل وحده إلى الحلق وباسم الزكام ما نزل من طريق الأنف‏.‏

ومن الناس من يسمّي جميع ذلك نزلة ويسمى بالزكام ما كان نازلاً من طريق الأنف رقيقاً وملّحاً متواتراً مانعاً للشمّ منصبّاً إلى العين وجلدة الوجه‏.‏

وبالجملة إلى مقدّمة أعضاء الوجه‏.‏

والنزلة قد تنتفض إلى الحلق والرئة وإلى المريء والمعدة فربما قرّحتها وكثيراً ما يهيج بها الشهوة الكلبية وقد تنتفض في العصب إلى أبعد الأعضاء وقد يتولّد منها الخوانيق‏.‏

وذات الرئة وذات الجنب والسلّ خاصة ولا سيما إذا كانت النزلة حارة حادة وأوجاع المعدة وإسهال وسحج إذا كانت حامضة أو مالحة وقد يتولّد منها أيضاً القولنج وخصوصاً من المخاطي الخام منها‏.‏

وسبب جميع ذلك إما حرارة مزاجية خاصة أو خارجية من شمس أو سموم أو شمّ أدوية مسخّنة كالمسك والزعفران والبصل وإما برودة مزاجية خاصة أو واردة من خارج من هواء بارد وشمال وخصوصاً إذا كشف الرأس لهما ولا سيما وقت ما يتخلخل الدماغ من حمّام أو رياضة و غضب أو فكر أو غير ذلك‏.‏

وقد يحدث من الفصد تخلخل يهيئ البدن لقبول الحر والبرد فيحدث النزلة ولا سيما بعد فصد كثير وكذلك في سوء المزاج الحار المصيب‏.‏

والبرد المزاجي إذا قوي واستحكم كما يكون في المشايخ يقال أنها لا تنضج إلا بعد أن يبلغوا الغاية في صحة المزاج وحرارته وأن الدماغ البارد إذا وصل إليه الغذاء في المشايخ وفي ضعفاء الدماغ فلم يهضم فيه ما ينفذ إليه لضعفه فضل ونزل والكائن من البرد أكثر من الكائن من الحرّ‏.‏

وأصحاب المزاج الحار أشدّ استعداداً لقبول الأسباب الخارجة الفاعلة للزكام من أصحاب الأمزجة الباردة وأصحاب الأمزجة الحارة في أنفسهم أكثر أمناً لعروض ذلك لهم من الأسباب البدنية من أصحاب الأمزجة الباردة فإن الدماغ البارد لا ينضج ما يصل إليه من الغذاء ولا يتحلّل ما يتصاعد إليه من الأبخرة بل ينكس وصول الغذاء وترتكم البخارات نكس الإنبيق لما يتصاعد إليه من القرع فيدوم عليه النوازل‏.‏

والنزلة قد تكون غليظة وقد تكون رقيقة مائية وقد تكون حارة مرة ومالحة ورديئة الطعم وقد تكون حارة لذّاعة وقد تكون باردة‏.‏

والنزلة الباردة تنضج بالحمى وأما الحارة فلا تنتفع بالحمّى والنوازل‏.‏

والأمراض النزلية تكثر عند هبوب الشمال وخصوصاً بعد الجنوب وتكثر أيضاً في الشتاء وخاصة إذا كان الصيف بعده شمالياً قليل المطر والخريف جنوبياً مطيراً‏.‏

وقد تكثر النوازل أيضاً في البلاد الجنوبية لامتلاء الرؤوس‏.‏

قال بقراط‏:‏ أكثر من تصيبه النوازل لا يصيبه الطحال‏.‏

قال جالينوس‏:‏ لأن أكثر من به مرض في عضو فإن أعضاءه الأخرى سليمة‏.‏

أقول‏:‏ عسى ذلك لأن المتهيئ للنوازل أرقّ أخلاطاً ومن غلظت أخلاطه لم يتهيأ النوازل كثيراً والصداع إذا وافق النزلة زاد فيها بالجذب‏.‏

العلامات‏:‏ علامة النزلة الحادة الحارة إن كانت زكامية حمرة الوجه والعينين ولذع السائل ورقته وحرارة ملمسه وربما عرضت معه حمى فلا ينتفع بها‏.‏

وإن كانت حلقية فحدّه ما ينزل إلى الحلق وشدة إحراقه ورقته مع التهاب يحسّ به إذا تنخع به ويدلّ عليه نفث إلى الصفرة والحمرة وقد يكون هناك سدّة أيضاً وغنّة ودغدغة حريفة‏.‏

وعلامة النزلة الباردة برد السيلان إن كان في الأنف ودغدغة في الأنف مع تمدد الجبهة وشدة السدة والغنة وربما دلّ عليها غلظ المادة‏.‏

وإن كانت إلى الحلق فبرد ما يتنخّع به وبياضه والانتفاع بحمّى إن عرضت‏.‏

المعالجات‏:‏ علاج النزلة محصورة في أعراض النقصان من المادة ومقابلة السبب الفاعل وقطع السيلان أو تعديله أو تحريكه إلى جهة أخرى‏.‏

والتقدّم بمنع ما عسى أن يتولد منه مثل خشم في الأنف وقروح على المنخر أو مثل خشونة في الحلق وسعال وقروح الرئة وما يليها وورم وجميعه محتاج إلى هجر التخم وترك الامتلاء من الطعام والشراب والعطاس ضارّ في أول حدوث النزلة والزكام مانع من نضج الأخلاط الحاصلة في الدماغ التي لا تنضج إلا بالسكون ومع ذلك فإنه يجذب إليه فضول أخرى وهو بعد النضج بالغ جداً بما يستفرع من الفضل النضيج‏.‏

والمبتلي بالزكام والنزلة يجب أن لا يبيت ممتلئ البطن طعاماً فيمتلئ رأسه وأن يديم تسخين الرأس وتبعيده عن البرد ويقيه الشمال خصوصاً عقيب الجنوب فإن الجنوب يملأه ويخلخل والشمال يقبض ويعصر ويقلّ شرب ماء الثلج ولا ينام نهاراً ويعطش ويجوع ويسهر ما أمكن فهو أصل العلاج‏.‏

والإسهال وإخراج الدم يبدأ به ثم بالإسهال بعده إذا دعت الحاجة إليهما جميعاً وقلّما يستعجل إلى الفصد خصوصاً في الابتداء إلا لكثرة لا تحتمل وأولى نزلة لا يفصد فيها ما خلا عن السعال فإن كان سعال قليل النفث فلا بد من قليل فصد مخلف عدة لما لعله أن يخرج إلى تكريرات ويستعمل شراب الخشخاش الساذج إن كان سهر وإلا فبالسكران لم يكن سهر والحقنة تجذب الفضل وتليق الطريق بمثل ماء الشعير في نفوذه وإذا وجد مع النزلة نخس يندوه دلّ على أن المادة تميل إلى الجنب فليبادر وليفصد‏.‏

والتدخينات ربما أورثت حمّى وحب السعال لخشونة الصدر لا لمواد الرأس ويجب أيضاً أن يصابر العطش ويكسر بمزاج من شراب الخشخاش والماء وإن أردنا التقوية فبماء الشعير والسويق وإذا كان مع النزلة حمّى لم يستحم ومن دامت به النوازل صيفياً وشتاءً فحبّ القوقايا له من أنفع العدد وحركة الأعضاء السافلة نافعة جداً من النوازل لجذب المواد إلى أسفل ثم استعمال ما يوصف من التكميدات والتبخيرات مع مراعاة أن لا يستعمل على امتلاء والمعتاد للنزلة فإنه قد يمنع حدوث النزلة به بادره إلى رّق في الحمّام قبل حدوث النزلة ويجب على كل حال أن يديم تنكيس الرأس ويلطئ الوساد ولا يستلقي في النوم وأما لنقصان من المادة فهو باستعمال تنقية البدن أما في الحار فبالفصد والإسهال المزاج للأخلاط الحارة والحقن الجاذبة للمادة إلى أسفل‏.‏

وأما في الباردة فبالأدوية المسهّلة للخلط البلغمي من الرأس من المشروبة والمحقون بها وفي الجملة يجب أن لا يقل الأكل والشرب من الماء ويهجره أصلاً يوماً وليلة ويزول‏.‏

وأما مقابلة السبب الفاعل‏.‏

إما الحار فأن يجتهد في تبريد الرأس بما هو مبرّد بالقوة مثل دخول الحمام العذب بكرة على الريق وصبّ الماء على الأطراف ومسح الرأس والأطراف والسرّة حلقة والمذاكير وما يليها بدهن البنفسج واستعمال النطول المتخذ من الشعير خشخاش والبنفسج والبابونج وصبّ المبرّدات القوية الفحل على الرأس والميل أغذية إلى ما خص وبرد ورطب واستعمال الجلنجبين كل يوم‏.‏

وإما البارد فأن يجتهد كما يبدأ الدغدغة والعُطاس بتسخين الرأس وتكميده خرق المسخنة إلى أن يحس بالحر يصل إلى الدماغ وحفظ الرأس على تلك الجملة بما احتيج إلى أن يكون بالملح والجاورس وربما كمد بالمياه الحارة في غاية ما يمكن أن يحتمل من الحرارة ويستعمل فيها النطولات المنضجة المحللة وتمريخ الأطراف بالأدهان الحارة كدهن الشبث ودهن البابونج والمرزنجوش‏.‏

وأقوى من ذلك دهن السذاب ودهن البان ودهن الغار ودهن السوسن يمسح به الذكر وما يليه والحلقة والسرة والأطراف ويغسل الرأس بالصابون القسطنطيني‏.‏

وأما الدهن فما أمكنك أن لا يمسه الرأس فافعل إلا أن لا يجد بداً حين يحتاج إلى تبريد ثابت أو تسخين ثابت وليكن بجد الاستفراغ وأن يستعمل على الرأس والجبهة لطوخات من الخردل والقسط ونحوه ويغسله بمثل الصابون ونحوه وأن يميل بالأغذية إلى ما لطف وخف وسخن وجفف مع تليين منه للصدر وربما احتيج إلى استعمال الأدوية المحمرة وبحيث يقع فيها خرء الحمام مع الخردل والتين والفوتنج والثافسيا بل استعمال الكي وبالجملة فإن تسخين الرأس وتجفيفه نافع لما حدث ومانع لما يحدث ويجب في هذه النزلة أن لا يدخل الحمام قبل النضج بل يستعمل التكميدات اليابسة ومما ينفع فيه شمّ المسك وكذلك إلقام الأذن صوفة مغموسة في دهن حار مسخن‏.‏

وأما قطع السيلان فبالغراغر المجمدة الباردة مثل الغرغرة بالماء البارد وبماء الورد وماء العدس وماء الكزبرة وماء قد طبخ فيه قشور الخشخاش وماء الرمان أيضاً أما باردة للحار أو حارة للبارد ومثل تلطيخ الحلق بشراب سحق فيه مر وخصوصاً في البارد وكذلك إمساك بنادق في الفم متخذة من الأفيون والميعة والكندر والزعفران من غير بلع لمائيته ومثل الأشربة التي لها خاصية ذلك كشراب الخشخاش الساذج الحار وشراب الكرنب وشراب الخشخاش المتخذ بالسلاقة المجعول فيها المر وغيره مما يذكر في الأقراباذين للبارد ولا يجب أن يسقى شراب الخشخاش إلا في الابتداء ليمنع عن الصدر فأما إذا احتبس واحتيج إلى نفث لم يصلح هذا الشراب ومثل البخورات الحابسة يستعمل بحيث يلج في الخيشوم أو تحنكاً حابساً للبخار وهذه البخورات كالسندروس للحار والبارد جميعاً وكالشونيز للبارد بخوراً وشموماً والقسط أيضاً والشونيز المقلي إذا شمّ مصروراً في خرقة كان نافعاً‏.‏

وكذلك بخور القشر المسمّى قوقي وكذلك بخار الخمر أو العسل عن حجر الرحا المحمّي‏.‏

ومما ينفع في ذلك التبخير بالكندر والعود الخام والسندروس والقسط واللبني والعود‏.‏

وأما الطرفاء والورد فللحار وكذلك الطبرزذ والباقلا والشعير المنقع في مخيض البقر خاصة والسكر والكافور والنخالة المنقوعة في الخل يبخر بها للحارة وكذلك بخار الخل عن حجر الرحا محمى مغسولاً منظّفاً‏.‏

وأما التعديل للقوام مثل استعمال اللعوقات وأخذ الكثير وحب السفرجل في الفم ليخالط غلظها رقة ما ينزل فيغلظ بها ويلزج ولا ينزل إلى العمق ويسهل لها النفث واستعمال ما يرقّق ذلك حتى لا يؤذي بغلظه ولحوجه وإذا كانت النزلة بارعة لم يصح دخول الحمام قبل النضج وإن كانت حارة لم يكن بذلك كبير بأس بل انتفع به‏.‏

وأما تحريكه إلى جهة أخرى فمثل ما يعامل به النزلة إلى الحلق بأن يجذب إلى الأنف بالمعطسات ولجميع ما يلذع المنخرين ومثل ما يعامل به كل نزلة حارة تسيل إلى أسفل من استعمال الحجامة على النقرة‏.‏

وكذلك الإكباب على النطولات المتخذة من الرياحين الجاذبة للمادة إلى ناحية الأنف‏.‏

وأما التقدم فمثل أن يصان الحلق والرئة عن آفته وأكثره بالأغذية أما في الحارة فبتمريخ الصدر بدهن البنفسج وتناول ماء الشعير بالبنفسج المربى وماء الرمان الحلو واستعمال الأحساء المتخذة من النشا ودقيق الشعير والباقلا باللبن الحليب إن لم يكن حمى ويضر اللبن إن كان حمى واستعمال اللعوقات اللينة الباردة والأشربة الزوفائية‏.‏

وأما في البارد فمثل تمريخ الصدر بدهن البنفسج والبان واستعمال الأحساء الحارة المليّنة مثل الأطرية بالعسل وبمثل ماء نخالة الحنطة بدهن اللوز والعسل ومثل الخبز بالمبيختج واستعمال اللعوقات اللينة الحارة والأشربة الزوفائية الحارة وأيضاً الزوفا نفسه مع الاصطرك‏.‏

وشرب الماء الحار نافع في النوازل بنضجها ويدفع غائلتها من أعضاء النفس إنضاجاً لما نزل وتلييناً والنبيذ لا يوافقهم وربما اتفق أن ينفعهم هذا في الابتداء وأما بعد النضج فالمعتدل منه موافق ويجب أن يكون في تلك الحال للحار الشراب ممزوجاً والزهومات تمنع النضج في الرقيق في الابتداء‏.‏

 المقالة الثانية باقي أحوال الأنف

 فصل في سبب النتن في الأنف‏:‏ إما بخارات عفنة تتصعد إليه من نواحي الصدر والرئة والمعدة وإما خلط متعفن في عظام الخياشيم لو كان حاراً لأحدث قروحاً ولكنه عفن منتن الريح ربما تأدى ريحه إلى ما فوق فأحس بمشمه أو خلط متعفن في البطن وفي الدماغ كله أو في مقدمه أو فيما يلي الأنف منه المعالجات‏:‏ يجب أن يتقدم بتنقية ما يكون اجتمع من الخلط الرديء إن كان في غير الخيشوم وقعره بل في المعدة والدماغ ثم يستعمل الأدوية الموضعية من الفتائل والسعوطات والنفوخات وغير ذلك أما الفتائل المجربة في ذلك فالأصوب أن يغسل الأنف قبلها بالشراب ثم تستعمل‏.‏

فمن تلك الفتائل فتيلة من المر والحماما والقاقيا متخذة بعسل أو من حماما ومر‏.‏

وورد بدهن الناردين وفتائل كثيرة الأصناف متخذة من هذه الأدوية على اختلاف الأوزان وهي السعدة والسنبل وورد النسرين والذريرة والحماما والقرنفل والآس والصبر والورد وشيء من ملح مجموعة ومفرقة أو فتيلة مبلولة بمثلث رقيق يذر عليه ذرور متخذ من القرنفل والسعد والرامك واللاذن أجزاء سواء وأيضاً آس وقصب الزريرة ونسرين وورد وقرنفل بالسوية من كل واحد درهم مر وعفص من كل واحد نصف درهم مسك أربع حبات كافور أربع حبات قليميا وملح أنحراني من كل واحد أربعة قراريط يستعمل فتيلة‏.‏

ومن السعوطات السعوط بعصارة الفوتنج‏.‏

وأفضل السعوطات وأنفعها أبوال الحمير فإنها لا تخلف‏.‏

ومن المجرّب الجيد أن تحل أقراص أنحروخورون الواقع في الترياق في الشراب ويقطر في الأنف فيبرئ‏.‏

وطبيخ الدارشيشعان بالشراب الريحاني جيد جداً يستعمل أياماً يستنشق به‏.‏

ومن اللطوخات أن يلطخ باطنه بالقلقطار وأيضاً ورق الياسمين يسخن ثم يسحق بالماء ويطلى به الأنف ودواء قريطن وهو‏:‏ مر أربعة وثلثان سليخة درهم وسدس حماما مثله يعجن بعسل‏.‏

ومن النفوخات أن ينفخ فيه الفودنج نفسه أو خربق أبيض وصدف محرق ومن الدواء المذكور في آخر الفتائل وأن ينفخ عود البلسان في الأنف‏.‏

ومن النشوقات ما جرّب طبيخ دارشيشعان بماء أو خمر يستعمل أياماً‏.‏

ومما جرب في علاجه وخصوصاً إذا كان في الدماغ أو مقدّمة عفونة‏:‏ كيتان يمنة اليافوخ ويسرته بحذاء الأذنين مائلتين إلى الصدغين أو كية على وسط الرأس‏.‏

 فصل في القروح في الأنف

إنه قد يتولد في الأنف قروح إما من بخارات حادة أو رديئة أو من نوازل حادة وهي إما منتنة عفنة وإما خشركيشات وإما قروح بثرية وإما قروح سلاَّخة وهي إما ظاهرة وإما باطنة‏.‏

المعالجات‏:‏ الأنف عضو أرطب من الأذن وأيبس من العين فيجب أن يكون علاج قروحه بين علاجي قروح الأذن والعين فيحتاج أن تكون الأدوية المجفّفة لقروح الأنف أقلّ تجفيفاً من الأدوية المجففة لقروح الأذن وأشد تجفيفاً من الأدوية المجفّفة لقروح العين فإن قروح الأذن تحتاج إلى شيء في غاية التجفيف وقروح العين تحتاج إلى شيء في أول حدود التجفيف‏.‏ثم أنه إن كان السبب مواد تسيل أو أبخرة تصعد فتعالج باستفراغها وجذبها إلى ناحية أخرى على ما يدري‏.‏

وبالجملة يحتاج أول شيء أن يجفّف الرأس ويقوّى بما عرفته ثم تفصد المنخران‏.‏واعلم أن جميع الأدوية النافعة في البواسير والأربيان مما سنذكره نافعة أيضاً في القروح إذا كانت قوية‏.‏

وإذا أغليت باللعابات وما يشبهها حتى لانت صلحت لجميع القروح الخفيفة أيضاً‏.‏

أما القروح اليابسة فتعالج بمسوح متّخذ من شمع مخلوط به نصفه ساق البقر المذاب في مثل دهن النيلوفر والشيرج وأصلحه عندي دهن الورد خصوصاً المتّخذ من زيت الأنفاق وأيضاً يعالج بمسوح متّخذ بدهن البنفسج مع الكثيراء أو قليل رغوة بزر قطونا وخطمي وأيضاً بفتيلة مغموسة في زوفا وشحم البط والشمع الأصفر وشحم الأيل وشحم الدجاج والعسل وأيضاً شمع ودهن هليلج أصفر أو عفص وربما نفع فصد عرق في طرف الأنف بعد القيفال وحجامة النقرة والإسهال‏.‏

وأما القروح التي تسيل إليها مادة حريفة أو رديئة أو منتنة فإن علاجها يصعب ولا بد من الاستفراغ والفصد وربما احتيج إلى الإسهال بالأيارجات الكبار‏.‏

ويجب أن يدام غسلها بالنطرون والصابون خصوصاً الصابون المنسوب إلى اسقلينادس والصابون المنسوب إلى قسطيطبونس‏.‏

ثم تستعمل الأدوية الشديدة التجفيف‏.‏

ومنها‏:‏ أن يؤخذ قشور النحاس وقلقديس وزرنيخ أحمر وخربق ويسحق وينقع في مرارة الثور أياماً حتى تتخمّر فيه ثم يستعمل وربما زيد فيه حماما ومر وفوتنج وفراسيون وزعفران وشب وعفص ودواء روفس المجرب‏.‏

ونسخته‏:‏ يؤخذ سعد وعفص وزعفران وزرنيخ ويستعمل‏.‏

وأما القروح الشديدة الوجع فتعالج بالإسرب المحرق المغسول في الإسفيداج والمرادسنج يتخذ منها مرهم بدهن ورد والشمع‏.‏

وأما القروح البثرية فعلاجها بدهن الورد ودهن الآس والمرداسنج وماء الورد وقليل خل يتخذ منها مرهم‏.‏

وأما القروح الظاهرة فتعالج بهذا المرهم‏.‏

ونسخته‏:‏ يؤخذ إسفيداج رطل مرداسنج ثلاث أواق خبث الرصاص المحرق ثلاث أواق يخلط بالخمر ودهن الآس‏.‏

ومن الأدوية المشتركة أن يؤخذ ماء الرمان الحامض فيطبخ في إناء نحاس حتى يصير إلى النصف ويلطخ به فتيلة ويستعمل‏.‏

ومما يعالج به أقراص أندرون تارة محلولة في شراب وتارة بخل وتارة بخل وماء بحسب ما ترى‏.‏

ومن المراهم الجيّدة أن يؤخذ خبث الأسرب وشراب عتيق ودهن الآس يجمع بالسحق على نار لينة فحمية ويحرّك حتى يغلظ ويحفظ في إناء من نحاس والإسرب المحرق في حكم خبث الأسرب وينبغي أن تستعمل عصارة السلق وحدها أو مع الأدوية فإنها نافعة جداً‏.‏

 فصل في علاج القروح التي تسمّى حلوة

أما الابتداء فيكفي دهن الورد وحده أو بشمع وشحم الدجاج‏.‏

وأقوى من ذلك مرهم الاسفيداج ولا سيما مخلوطاً بلعاب حب السفرجل فإن ريد زيادة تجفيف جعل فيه خبث الفضة‏.‏

وقد ينقع خبث الفضة وحده بدهن الآس وأما إذا اشتدّت العلّة يسيراً فليستعمل هذا المرهم‏.‏ونسخته‏:‏ إسفيداج رطل مرداسنج ثلاث أواق خبث الرصاص ثلاث أواق رصاص محرق مغسول مسحوقاً بالخمر أربع أراق يتخذ منه مرهم بدهن الآس والخل‏.‏

وأما إذا أزمنت العلة واشتدّت جداً يؤخذ مرهم بهذه الصفة مرداسنج أربعة دراهم سذاب رطب أربعة دراهم شبّ درهمين يتخذ منه مرهم بدهن الآس والخلّ‏.‏

وأقوى منه زاج وقلقنت ومر من كل واحد سبعة أجزاء قلقديس ستّة شبّ يماني عفص توبال النحاس من كل واحد أربعة كندر جزء ونصف خلّ رطل وثمان أواق يطبخ في إناء نحاس حتى يصير في قوام العسل ويتخذ منه لطوخ‏.‏

 فصل في السدة في الخيشوم

السدة في الخيشوم هي الشيء المحتبس في داخله حتى يمنع الشيء النافذ من الحلق إلى الأنف أو من الأنف إلى الحلق وقد يكون خلطاً لزجا لحجاً وقد يكون لحماً ناتئاً وقد يكون خشكريشة‏.‏

العلامات‏:‏ هذه السدّة تفعل الغنة حتى تمنع فضلة النفخة عن أن تتسرّب في الخيشوم فتفعل الطنين الكائن منه‏.‏المعالجات‏:‏ يؤخذ من العدس المر درهم جندبيدستر نصف درهم أفيون قيراط زعفران قيراط مر نصف درهم يتّخذ منها حب ويسعط بماء المرزنجوش الرطب وكثيراً ما يحوج الحال إلى عمل اليد وخرط الأنف بالميل الخاص بالأنف الذي يمكن به الجرد فلا يزال يجرد حتى يتنقّى وربما خرج بالجرد شيء كثير يتعجّب الإنسان من مبلغه يكاد يبلغ نصف رطل فإن لم يغن فعل ما ذكرنا في باب البواسير‏.‏

في علاج الخنان‏:‏ من معالجته أن يسعط ويغرغر بدواء هذه نسخته‏:‏ يطبخ العفص المسحوق بماء الرمان الحلو غمره حتى يشربه ثم يجفّف ويخلط به نصفه كندر وأنزروت ويعجن كرة أخرى بماء الرمان الذي قد طبخ العفص فيه ويستعمل سعوطاً وغيره أياماً ومما يعالج به أن يجعل في الأنف تنكار بشمع ودهن لا يزال يستعمل حتى يبرأ‏.‏

 فصل في رضّ الأنف

الأولى والأفضل أن يحشى من داخل ثم يسوّى من خارج ويخرج الحشو كل قليل حتى يستوي‏.‏

وأما الأطلية النافعة في ذلك فالذي يجب أن يجعل على الكسر قليلاً صبر وماش مرّ وزعفران ورامك وسكّ وطين أرمني وطين مختوم رومي وخطمي ولاذن يطلى بماء الأثل أو ماء الطرفاء‏.‏

على أنا ربما عاودنا ذكر هذا الباب في كتاب الكسر والجبر‏.‏

 فصل في البواسير والأربيان في الأنف

أما البواسير فهي لحوم زائدة تنبت فربما كانت لحوماً رخوة بيضاء ولا وجع معها وهذه أسهل علاجاً وربما كانت حمراء وكمدة شديدة الوجع وهذه أصعب علاجاً لا سيما إذا كان يسيل منها صديد منتن‏.‏

وربما كان منها ما هو سرطاني يفسد شكل الأنف ويوجع بتمديده الشديد وهو الذي يكون كمد اللون رديء التكوّن جداً في غور كثير وسبيله المداراة دون القطع والجرد‏.‏

وقد يفرق بين السرطاني وبين البواسير الرديئة أن اللحم النابت إن حدث عقيب علل الرأس والنوازل فإنه بواسير وإن كان ليس عن ذلك بل حدث عن صفاء الأنف وعدم السيلانات فهو سرطان وخصوصاً إن كان قبل حدوثه في الدماغ أعراض سوداوية وكان ابتداؤه كحمّصة أو بندقة ثم أخذ يتزايد وأحدث في الحنك صلابة‏.‏

والسرطان في أكثر الأمر غير ذي صديد وسيلان إلى الخلق بل هو يابس صلب والبواسير ربما طالت وصارت بواسير معلقة وربما طالت حتى تخرج من الأنف أو الحنك وجميع الأدوية التي تنفع من الأربيان فإنها تنفع من البواسير وربما احتيج أن تكسر قوّتها‏.‏

المعالجات‏:‏ ما كان من ذلك من القسم الأول قطع بسكين دقيقة ثم جرد بالمجرد ناعماً وما كان من القسم الثاني فالأولى أن يكوى أما بالأدوية التي نذكرها وأما بالنار بمكاوٍ صغار دقاق أو تقطع بمجارد تخرج جميع ما في الأنف من الزوائد والفضول‏.‏

وأجود المجارد ما كان أنبوبياً ثم يحسبّ في المنخرين بعد ذلك خلّ وماء فإن جاد النفس بعد ذلك وزالت السدة وإلا فقد بقيت منه في العمق بقية فحينئذ يحتاج أن يستعمل المنشار الخيطي وصفته‏:‏ أن تأخذ خيطاً من شعر أو إبريسم فتعقده عقداً يصير بها كالمنشار في الأسنان وتدخله في إبرة من إسرب معقفة إدخالاً من المنخر حتى يخر إلى الحنك ثم ينشر به بقية اللحم جذباً له من الجانبين كما يفعل بالمنشار ثم تأخذ أنبوباً من الرصاص أو من الريش وتلف عليه خرقة وتذر عليها أدوية البواسير مثل دواء القرطاس ودواء أندرون وسائر ما نذكره بعد ويدخله في الأنف ليبقى موضع النفس مفتوحاً وإذا عمل مجرد كالمبرد لكنه أنبوبي أمكن أن تبلغ به المراد من التنقية وإذا استعمل على البواسير آلات القطع والجرد أو الأدوية الأكّالة فيجب أن يعطس بعد ذلك حتى تنتثر كل عفونة ونشارة‏.‏

وأما الأدوية التي يعالج بها ما خص من ذلك ففتيلة معمولة من قشر الرمان مسحوقاً بالماء حتى ينعجن ولا يزال يستعمل ذلك فإنه مجرب لكنه بطيء النفع‏.‏

أو فتيلة من أشنان أخضر ساذج أو بشحم الحنظل أو من جوز السرو مع شيء من التين يستعمل أياماً أو فتيلة مغموسة في عصارة الحبق وحدها أو مغموسة في عصارته ثم يذرّ عليها اليابس منه أو في خمر ويذر عليها سحيق الحبق أو من عقيد ماء الرمانين المدقوقين مع القشر والشحم أو فتيلة بعسل وورد يكرر في اليوم مرات أو نفوخ من الزرنيخ والقلقنت مسحوقين بخل مجففين‏.‏

وأما الأدوية التي يعالج بها ما أزمن من ذلك ففتائل ذرورات ومراهم من مثل الشب والمر والنحاس المحرق وقشور النحاس وأصل السوسن الأبيض والقلقنت والقلقطار والزاج والنطرون يتخذ منها بالخمر أو بماء الحبق أو ماء الرمانين بالشحم والقشر فتائل ويستعمل‏.‏

أو يستعمل نفوخات فإن لم ينجح اتخذت فتيلة من مثل هذه المياه مذروراً عليها شيء كثير من القلقديس والقلقطار والقلي والزنجار والزاج والشبّ على السوية‏.‏

والأصوب أن يستعمل بعد الشرط فإن لم ينجح فالقلقنديون وقد قيل أن بزر اللوف يشفي بواسير الأنف وإذا عصر العنقود الذي على طرف لوف الحيّة فشرب منه صوفة وأدخل في المنخرين أذهب اللحم الزائد والسرطان‏.‏

وأما الأربيان فالأصوب أن يعالج بعلاج اليد وذلك بعد نفض الامتلاء عن البدن والرأس فإن كان خفيفاً استعملت الأدوية القوية من أدوية القروح مثل نفوخ متخذ من شبّ ومر جزء جزء وقلقطار وعفص نصف جزء نصف جزء وينفخ فيه أو يتّخذ فتيلة‏.‏

والدواء الذي اختاره جالينوس فهو أن يؤخذ من ماء الرمانين المعصورين بقشورهما وشحمهما ويطبخان طبخاً يسيراً ثم يرفعان في إناء من إسرب ثم يؤخذ الثفل ويدق حتى يصير كالعجين ويسقى من العصارتين قدر ما يليق به ثم يتخذ منه شيافات مطاولة ويدخلها أنف العليل ويتركها فيه ثم تريحه في بعض الأوقات وتخرجها عن أنفه وتطلي الأنف حينئذ والحنك بالعصارتين تواظب على هذا التدبير‏.‏

وهذا للقروح والبواسير نافع‏.‏

ومن منافعه أنه غير مؤلم ألماً يعتد به وربما جمع ذلك من ثلاث رمانات عفصة وحامضة وحلو فإن كان الباسور صلباً زاد في الحامض وإن كان كثير الرطوبة زاد في العفص وقوم من بعد‏.‏

قال جالينوس‏:‏ ربما زادوا فيه قليل قلقطار ونوشادر وزنجار‏.‏

ومما يقلعه دواء المقر‏.‏

والأدوية الحادة الأكالة كلها تنفخ فيه فإذا ورم أجمّ حتى يسكن ثم يستعمل الشمع والدهن والعسل ثم يعاود النفخ ثم يعاود الإجمام لا يزال يعمل به ذلك حتى يسقط‏.‏

وقد جرب الخرنوب النبطي الرطب فإنه إذا حشي صوفاً وأدخل الأنف أكل الأبيان كله للثآليل وأيضاً جوز السرو نافع‏.‏

ومما جرب أن يسحق الزاج الأخضر كالكحل وينفخ في الأنف غدوة وعشية فإنه يبرأ وإذا قطع الاربيان فمن الأدوية الحابسة لدمه الطين المبلول بالماء المبرد حتى يصير طيناً غليظاً ويبرد جداً ويطلى به الأنف‏.‏

 فصل في العطاس

العطاس حركة حامية من الدماغ لدفع خلط أو مؤذ آخر باستعانة من الهواء المستنشق دفعاً من طريق الأنف والفم‏.‏

والعطاس للدماغ كالسعال للرئة وما يليها وقد ظن قوم أن الدماغ لا يفرغ إلى العطاس إلا إذا استحال الخلط المؤذي هواء فيخرجه بالهواء المستنشق وليس ذلك بواجب بل إنما يخرج إلى الهواء في ذلك ليكون البدن مملوءاً هواء متصلاً بهواء جذبه إلى ناحية الخلط فإذا تزعزع الهواء كله تحركه عضلات الصدر والحجاب حركة عنيفة وانتفض من داخل إلى خارج حافراً لما هو أبعد من الصدر من أجزائه حذر إلى الخروج كان معونة على النفض والعطاس ضار جداً في أول النزلة والزكام لحاجة الخلط المطلوب فيه النضج إلى السكون وربما كثر في الحمّيات وما يشبهها كثرة تسقط القوة وتملأ الرأس وربما هيّج رعافاً شديداً فيجب أن يتعجل في حبسه لكنه يحل الفواق المادي بزعزعته‏.‏

ومن العطاس ما يعرض في ابتداء نوائب الحميات‏.‏

وقد زعمت الهند ولم يعد صواباً أن العاطس أوفق أوضاع رأسه أن يكون أمامه حذر وصدر غير ملتفت ولا متنكس فلا يلحقه غائلة‏.‏

والعطاس أنفع الأشياء لتجفيف الرأس إذا كانت المادة أما قليلة مقدوراً على نفضها وإن لم تنضج أو كانت ريحية‏.‏

فإن كانت كثيرة أو بخارية فإن العطاس أنفع شيء للامتلاء البخاري في الرأس أو كانت غليظة لكن نضيجة‏.‏

فإن كانت أكثر من ذلك فيدل على قوّة من الدماغ ولذلك من قرب موته لا يستطيع أن يعطس ومن عطس منهم بالمعطّسات فلم يعطس فلا يرجى برؤه البتّة وهو مما يعين على نفض الفضول المحتبسة ويسهّل الولادة وخروج المشيمة ويسكّن ثقل الرأس لكنه ضار لمن في رأسه مادة تحتاج أن تسكّن لتنضج وأن لا يسخّن ما يليها ولا يتحرّك خوفاً من أن ينجذب إليها غيرها وهو ضارّ أيضاً لمن في صدره مادة كثير أو فجّة‏.‏

 فصل في الأدوية المانعة للعطاس

مما يمنعه التسعّط بدهن الورد الطيب ودهن الخلاف شديد التسكين له‏.‏

وقد يمنعه أن يحسى حسواً حاراً وتحميم الرأس بماء حار وصبّ دهن حار في الأذنين والإستلقاء على مرفقة حارة توضع تحت القفا‏.‏

واشتمام التفاح والسويق وكذلك اشتمام الاسفنج البحري مما يقطعه والفكر والاشتغال عنه ربما قطعه‏.‏

وأما الصبيان فينتفعون بسيلان الكلية الصحيحة تجعل على النار وتشوى وتؤخذ قبل أن تنضج ويؤخذ سيلانها ويستنشق أو يسعط به‏.‏

ومما ينفعه شدّة الصبر عليه فإنه يحبسه وهو علاج كافٍ للضعيف منه ومما يمنعه ذلك العين والأذن والأطراف والحنك وقوّة الفغر والتحشّي وتحديد النظر إلى فوق والتململ والتقلّب وتمريخ العضل بالأدهان المرطّبة وخصوصاً عضل اللحيين والإستغراق في النوم واتّقاء الانتباه المباغت والتحرّز عن الغبار والدخان‏.‏

في الأدوية المعطسات‏:‏ هي الخربق الأبيض والجندبيدستر والكندس والفلفل والخردل يجمع أو يؤخذ أفراداً ويلصق بريشة في الأنف أو يؤخذ عاقرقرحا والسنبل والسكّ المدخن أي المتخذ دخنه والسذاب البري والصبر ويلطخ كذلك‏.‏

وأما المعطسات الخفيفة فالأفيون إذا شمّ وقضبان الباذروج والزراوند والورد بزغبه وهو مما يعطّس المحرورين‏.‏

 فصل في الشيء الذي يقع في الأنف

يعطس صاحبه ببعض الأدوية ويؤخذ على فمه ومنخره الصحيح فإذا عطس خرج منه الشيء وكأنّ هذا مما سلف ذكره‏.‏

 فصل في جفاف الأنف‏:‏ قد يكون لحرارة وقد يكون ليبوسة شديدة وقد يكون لخلط لزج جفّ فيه‏.‏

وعلاج كل واحد منه ظاهر‏.‏وأنفع شيء فيه الأدهان والعصارات الباردة الرطبة وإخراج الخلط إن كان بعد تليينه بدهن أو عصارة حتى لا يخرج ما لا يتعاطى إخراجه‏.‏

 فصل في حكّة الأنف

قد تكون لبخار حادّ أو نزلة حادة كانت أو تكون أو لنزلة قوية السيلان وإن كانت باردة‏.‏

وقد يكون لبثور وقد يكون لحركة الرعاف وهي من دلائل البحران ومن دلائل الجدري والحصبة على ما نذكره في موضعه‏.‏

وعلاج كل واحد من ذلك بما عرف من الأصول سهل‏.‏

 الفن السادس أحوال الفم واللسان

وهو مقالة واحدة

 فصل في تشنج اللسان

الفم عضو ضروري في إيصال الغذاء إلى الجوف الأسفل ومشارك في إيصال الهواء إلى الجوف الأعلى ونافع في قذف الفضول المجتمعة في فم المعدة إذا تعقر أو عسر دفعها إلى أسفل وهو الوعاء الكلي لأعضاء الكلام في الإنسان والتصويت في سائر الحيوانات المصوتة من النفخ‏.‏

واللسان عضو منه هو من آلات تقليب الممضوغ وتقطيع الصوت وإخرج الحروف وإليه تمييز الذوق‏.‏

وجلدة سطحه الأسفل متصلة بجلدة المريء وباطن المعدة‏.‏

وجلدة النطع مقسومة منصّفة بحذاء الدرز السهمي وبينهما مشاركة في أربطة واتصال‏.‏

وقد عرفت عضلة المحرّكة والمحبسة‏.‏

وأفضل الألسنة في الإقتدار على جودة الكلام المعتدل في طوله وعرضه المستدق عند أسَلَته‏.‏وإذا كان اللسان عظيماً عريضاً جداً أو صغيراً كالمتشنج لم يكن صاحبه قديراً على الكلام‏.‏

وجوهر اللسان لحم رخو أبيض قد اكتنفته عروق صغار مداخلة دموية أحمرّ لونه بها ومنها أوردة ومنها شريانات وفيه أعصاب كثيرة متشعبة من أعصاب أربعة ناتئة قد ذكرناها في تشريح الأعصاب وفيه من العروق والأعصاب فوق ما يتوقّع في مثله ومن تحته فوهتان يدخلهما الميل هما منبع اللعاب يفضيان إلى اللحم الغددي الذي في أصله المسمى مولد اللعاب‏.‏

وهذان المنبعان يسقيان ساكبي اللعاب يحفظان نداوة اللسان‏.‏

والغشاء الجاري عليه متصل بغشاء جملة الفم وإلى المريء والمعدة وتحت اللسان عرقان كبيران أخضران يتوزع منهما العروق الكثيرة يسقيان الصُرَدين‏.‏

 فصل في أمراض اللسان

قد يحدث في اللسان أمراض تحدث آفة في حركته إما بأن تبطل أو تضعف أو تتغير‏.‏

وقد يحدث له أمراض تحدث آفة في حسّه اللامس والذائق بأن يبطل أو يضعف أو يتغيّر‏.‏

وربما بطل أحد حسيه دون الآخر كالنوق دون اللمس لاقتدار المرض على إحلال الآفة بأضعف القوّتين وقد يكون المرض سوء مزاج وقد يكون آلياً من عظم أو صغر أو فساد شكل أو فساد موضع فلا ينبسط أو لا ينقبض أو من انحلال فرد وقد يكون مرضاً مركّباً كأحد الأورام‏.‏

وربما كانت الآفة خاصة به وربما كانت لمشاركة الدماغ وحينئذ لا يخلو عن مشاركة الوجنتين والشفتين في أكثر الأمر وربما شاركه سائر الحواس إذا لم تكن الآفة في نفس شعبة العصب الذي يخصّه وقد يألم أيضاً بمشاركة المعدة وأحياناً بمشاركة الرئة والصدر وقد يستدل على أمزجة المزاج من جهة اللون الأبيض والأصفر والأحمر والأسود ومن جهة لمسه ومن جهة الطعم الغالب عليه من إحساس شبه حموضة أو حلاوة أو تفه أو مرارة أو بشاعة تتولد عن عفونة أو عفوصة وقبض‏.‏

على أن الاستدلال من لونه وما يجده من أطعم قد يتعداه إلى أعضاء أخرى فإن حمرته وخصوصاً مع الخشونة قد تدل على أورام دموية في نواحي الرأس والمعدة والكبد‏.‏

وبياضه قد يدل على برد فم المعدة والكبد وبلغمية الرأس‏.‏

وربما دلّ على اليرقان وإن كان لون البدن بالخلاف وطعمه يدل الغالب من الأخلاط على البدن كله أو على المعدة والرأس‏.‏

وقد يستدلّ عليه من جهة رطوبته ويبوسته‏.‏

واليبوسة تحسّ على وجهين‏:‏ أحدهما مع صفاء سطح اللسان وهذا هو اليبوسة الحقيقية والثاني مع سيلان خلط غروي لزج عليه قد جففه الحرّ وهذا لا يدلّ على يبوسة في جوهره بل على رطوبة لزجة تجتمع عليه إمّا من نزلة وإما من أبخرة غليظة ثخينة وهذا مما يغلط فيه الأطباء إذا تعرّفوا من المريض حال جفاف الفم فلم يميزوا بين الضرب الذي قبله وبينه‏.‏

والخشونة تتبع الجفاف والملاسة تتبع الرطوبة‏.‏

وقد يستدل على اللسان من حاد حركته عند الكلام ومن حال ضموره وخفّته ومن حال غلظه حتى ينعضّ كل وقت وتثقل حركته عند الكلام فيدل على امتلاء من دم أو رطوبة وقد يستدل عليه من الأورام والبثور التي تعرض فيه وأنت يمكنك أن تبسط وجوه الاستدلالات من هذا المأخذ بعد إحاطتك بأصول كلية سلفت وجزئية تليها‏.‏

واللسان قد يألم بانفراده وقد يألم بمشاركة الدماغ أو المعدة‏.‏

ولما كانت عصبة اللسان متّصلة بعدة أعصاب لم يخل إما أن تكون تلك الأعصاب مواتية لها في الحركة لا تعاوقها وتواتيها فيكون حال أصحاء الكلام وإما أن تعاوقها ولا تواتيها بسهولة فيكون التمتمة ونحو ذلك وربما وقعت التمتمة من الحبسة بسبب أن العصبة تستقي القوّة من عصب آخر فينحبس إلى أن يتجه‏.‏

في معالجات اللسان‏:‏ قد تكون معالجته بمشاركة مع رأس أو معدة بما يصلحها مما علمت كلاً في بابه وقد تكون معالجته معالجة خاصة بالمشروبات المستفرغة بالإسهال وهي أنفع من المقيّئة والمبدلة للمزاج أو القابضة أو المحلّلة المقطّعة الملطفة التي إذا أشربت تأدّت قوتها إليه وأولى ما يشرب أمثالها أن يشرب بعد الطعام‏.‏

وقد يعالج بالمضمضات وبالدلوكات وبالغراغر وبالأدهان تمسك في الفم وبالحبوب الممسكية في الفم المتخذة من العقاقير التي لها القوى المذكورة بحسب الحاجة‏.‏

والأجود أن تتخذ مفرطحة ويجب أن يحترس في استعمال أدوية الفم واللسان إذا كانت من جنس ما يضرّ الحلق والرئة كيلا يتحلّب شيء من سيلاناتها إليها‏.‏

 فصل في فساد الذوق

الآفة تدخل في الذوق على الوجوه الثلاثة المعلومة وكل ذلك قد يكون بمشاركة وقد يكون لمرض خاص من سوء مزاج أو مرض آلي أو مشترك فيستدلّ عليه بما أشرنا إليه‏.‏

العلاج‏:‏ علاجه إن كان بمشاركة فأن تتعرف حال الدماغ فتصلحه بما عرفناكه في باب علل الدماغ أو حال المعدة وإن كان من غير مشاركة اشتغل باللسان نفسه‏.‏

وإذا كان السبب امتلاء وخلطاً رديئاً فيجب أن يستفرغ فإن كان حاداً استفرغ بمثل أيارج فيقرا وحب القوقايا أو حبوب متخذة من السقمونيا وشحم الحنظل النفطي‏.‏

وإن كان خلطاً غليظاً فيجب أن يستفرغ بالايارجات ويستعمل الغراغر المذكورة في باب استرخاء اللسان ويطعم صاحبه الأغذية الحريفة كالبصل والخردل والثوم والخلّ‏.‏

 فصل في استرخاء اللسان

وثقله والخلل الداخل في الكلام

استرخاء اللسان من جملة أصناف الاسترخاء المذكورة فيما سلف والسبب المعلوم‏.‏

وقد يكون من رطوبة دموية مائية وقد يكون لسبب في الدماغ وقد يكون لسبب في العصبة المحرّكة له أو الشعبة الجائية منها إليه‏.‏

وأنت تعلم ما يكون بشركة من الدماغ وما يكون عن غير شركة بما تجد عليه الحال في سائر الأعضاء المستقية من الدماغ حساً وحركة وقد يدل على أن المادة دموية حمرة اللسان وحرارته وقد يدلّ على أن المادة رقيقة مائية كثرة سيلان اللعاب الرقيق وقلّة الانتفاع بالمحلّلات والانتفاع بما فيه قبض‏.‏

وقد يبلغ الاسترخاء باللسان إلى أن يعدم الكلام أو يتعسر أو يتغيّر ومنه الفأفاء والتمتام‏.‏

ومن الصبيان من تطول به مدة العجز عن الكلام ومن المتعتع في كلامه من إذا عرض له مرض حار انطلق لسانه لذوبان الرطوبة المتعتعتة للسان المحتبسة في أصول عصبه ولمثل هذا ما يكون الصبي ألثغ فإذا شبّ واعتدلت رطوبته عاد فصيحاً‏.‏

المعالجات‏:‏ يجب أن ينقى البدن بالأيارج الصغير ثم بالأريارجات الكبار ثم يقصد ناحية الرأس بالأدوية الخاصة به وإن ظنّ أن مع الرطوبة غلبة دم فصد عروق اللسان وحجم الذقن ثم عولج بالغراغر والدلوكات اللسانية وبإدامة تحريكه بعد الاستفراغ والبابان الأولان فقد وقفت عليهما في تدبير أمراض الرأس‏.‏

وأما الأدوية الخاصة بالموضع فالذي في أكثر الأمر هو بالدلك بالمحلّلات المقطّعات والتغرغر بمياهها والتمضمض بها وهي مثل السعتر والحاشا والخردل والعاقر قرحا وقشور أصل الكبر بل مثل الخردل والكندس كل ذلك بمثل المري وبمثل خلّ العنصل‏.‏

وقد ينتفع بدلك اللسان بالنوشادر مع الرخبين أو المصل حتى يسيل منه لعاب كثير‏.‏

والسكنجبين العنصلي إذا استعمل غرغرة ومضمضة نفع جداً‏.‏

والوج جيد جداً لاسترخاء اللسان وثقله وإذا اشتد الاسترخاء وامتنع الكلام فيؤخذ شيء من الأوفربيون وكندس ويدام ذلك اللسان وأصله به‏.‏

ويجب أن توضع هذه الأدوية وأمثالها على الرقبة أيضاً وقد يتخذ من هذه الأدوية وأمثالها حبوب تعجن بما يمنعها من سرعة الانحلال مثل اللاذن والعنبر والراتينج والصموغ اللزجة‏.‏

نسخة حبّ يمسك تحت اللسان‏:‏ ينفع من استرخائه ودلعه علك الأنباط درهمان حلتيت درهم يتخذ منه حبّ كالحمص ويمسك تحت اللسان‏.‏

ومما جرب في هذا الباب غرغرة من النوشادر والفلفل والعاقر قرحا والخردل والبورق والزنجبيل والميويزج والصعتر والشونيز والمرزنجوش اليابس والملح النفطي يدقّ وينخل ويتغرغر بها في ماء أياماً تباعاً‏.‏

ومن الجوارشنات التي تذكرها الهند لهذا الشأن‏.‏

صفة الجوارشن‏:‏ يؤخذ كمّون أسود كمون كرماني قرفة ملح هندي من كل واحد نصف مثقال دار فلفل مائة عدداً فلفل مائتان عدداً سكّر ثمانية أساتير والأستار ستة دراهم ونصف يستفّ منه كل وقت فإذا لم تنجع المحللات وحدست أن الرطوبة رقيقة سيّالة استعنت بالمحللات القابضة مثل الدارشيشعان مخلوطاً بالورد ومثل فقاح الأذخر بالطباشير وكثيراً ما ينفعه تدليك اللسان بالحوامض القابضة فإنها تشدّ مع تحليل الريق وإسالته بسبب الحموضة مثل المصل والحصرم والفواكه التي لم تنضج‏.‏

وإذا أبطأ الصبي بالكلام وجب أن يدام تحريك لسانه ودلكه وتسييل اللعابات منه وينفع في ذلك خصوصاً إذا استعمل في دلكه العسل والملح الدارّاني ويمنع ما قيل في علاج رطوبة اللسان ومما يحرّك لسانهم ويطلقه إجبارهم على الكلام‏.‏

قد يكون تشنّج اللسان من رطوبة لزجة تمدد عضله عرضاً وقد تكون من سوداء مقبضة وقد تكون في الأمراض الحادة إذا أحدثت تشنجاً في عضلة اللسان على طريق التجفيف والتشويه‏.‏

والتشنج قد يظهر أيضاً ضرراً في الكلام‏.‏

المعالجات‏:‏ ليس يبعد علاج تشنّج اللسان في القانون من علاج التشنج الكلي المذكور في الفن الأول من هذا الكتاب‏.‏

وأما على طريق الأخص فإن علاجه على ما حد من جملة ذلك‏:‏ التكميدات لأصل العنق بمثل البابونج وإكليل الملك والرطبة والمرزنجوش‏.‏

والشبث أفراداً ومجموعة وكذلك الغرغرة بأدهانها واحتساؤها ملء الفم وهي فاترة ثم إمساكها فيه مدة واستعمال أخبصة متخذة من أدهان حارة وحلاوات محللة وبزور كالحلبة وما يشبهها‏.‏

وإذا كان في الحميات فلتكن الأدهان اسمتعملة مثل دهن البنفسج ودهن القرع والخلاف مفتّراً ويجب أن ينطل المواضع المذكورة بالماء الفاتر والعصارات الرطبة مفترة‏.‏

 فصل في عظم اللسان

قد يكون عظم اللسان من دم غالب وقد يكون من رطوبة كثيرة بلغمية مرخية مهيجة وقد يعظم كثيراً حتى يخرج من الفم ولا يسعه الفم وهذا العظم قد أفردنا ذكره من باب الورم لمن هو مختص به من اللرق‏.‏

المعالجات‏:‏ أما الدموي والكائن من مادة حارة فيعالج بأن يدام دلكه بالمقطعات الحامضة والقابضة مثل الريباس وحماض الأترج والكائن عن الرطوبات فبأن يدام دلكه بالنوشادر والملح مع مصل وخل بعد الإستفراغات أو يؤخذ زنجبيل وفلفل ودار فلفل وملح أندراني يدق جيداً ويدلك منه اللسان فيعود إلى حجمه ويدخل الخارج منه واسترخاء اللسان إذا عرض للصبيان كفى المهم فيه الحمية والتغذية بالعصافير والنواهض‏.‏

وقد احتجم إنسان فضرب المبضع ليف عصيب في جوار الغشاء المتصل باللسان فأرخى اللسان‏.‏

 فصل في قصر اللسان

قد يعرض لاتصال الرباط الذي تحته برأس اللسان وطرفه فلا يدع اللسان ينبسط وقد يعرض على سبيل التشنج‏.‏

المعالجات‏:‏ أما الكائن بسبب التشنج فقد قيل فيه‏.‏

وأما الكائن بسبب قصر الرباط فعلاجه قطع ذلك الرباط من جانب طرفه قليلاً وتدارك الموضع بالزاج المسحوق ليقطع الدم ومبلغ ما يحتاج إليه من قطعه في إطلاق اللسان أن ينعطف إلى أعلى الحنك وأن يخرج من الفم وإن لم يجسر على قطعه بالحديد تقية وخوفاً من انفجار دم كثير جاز أن يدخل تحت الرباط إبرة بخيط خارم فيخرم من غير قطع ويجعل على العضو ما يمنع الالتصاق وهي الأدوية الكاوية الحادة وإن رفق في قطعه مع تعهد العروق التي تحت اللسان كي لا يصيبها قطع لم يصبها سيلان دم مفرط‏.‏

 فصل في أورام اللسان

قد يعرض للسان أورام حارة وأورام بلغمية وأورام ريحية وأورام صلبة وسرطان‏.‏

وعلامات جميع ذلك ظاهرة إذا رجعت إلى ما قيل في علامات الأورام‏.‏

وقد يرم اللسان لشرب السموم مثل الفطر والأفيون‏.‏

المعالجات‏:‏ أما الأورام الحارة فتعالج أولاً بالفصد والإسهال وذلكخير في أورام اللسان من القيء وربما لم يستغن عن فصد العرق الذي تحت اللسان ثم يمسك في الفم عند ابتدائها عصارة الهندبا وعصارة الخس خاصة عصارة عنب الثعلب واللبن الحامض وخاصة ماء الورد وماء ورد طبخ فيه الورد وعصارة عصا الراعي وقشور الرمان ويدلك بالجوخ الرطب فإنه شديد النفع من ذلك‏.‏

فإذا لم يتحلل ولم ينفتح احتيج في آخره إلى المنضجات المحللة يتغرغر بها مثل العسل باللبن ومثل طبيخ أصل السوس ومثل طبيخ التين والحلبة وطبيخ الزبيب والرزيانج وشرب أيارج فيقرا ليسهّل المادة الغليظة عن فم المعدة ويجعل الأغذية من جنس ما ينضج ويحلل مثل الكرنبي والقطفي بدهن الخلّ‏.‏

فإن تقيح استعمل القوابض في الفم مثل طبيخ السماق والآس والعدس وورق الزيتون والشواب العفص‏.‏

ومما ينفع من ذلك مرهم يتخذ من عصارة عنب الثعلب ودهن الورد والعدس المقشر والورد‏.‏

وإن كان الورم رخواً بلغمياً فقد ينفع منه س من الورم الحار فيه البالغ منتهاه أن يحرق أصل الرازيانج ويلصق عليه‏.‏

وقد يسعطون في أمثالها وفي بعض الأورام الحارة التي فيها غلظ هذا الدواء‏.‏

وصفته‏:‏ يؤخذ من الزعفران وأيارج فيقرا من كل واحد جزء ومن الكافور والمسك من كل واحد ثلث جزء ومن السكر الطبرزذ جزء ونصف يحلّ من الجملة وزن دانقين في لبن جارية ويسعط به‏.‏

قال جالينوس‏:‏ ورم لسان إنسان ورماً عظيماً وكان ابن ستين سنة ولم يكن له عهد بالفصد فلم أفصده وسقيته القوقاي وأردت أن أغلف لسانه في الضمّادات الباردة وكان عشاء فخالف طبيب فرأى في الرؤيا ليلته تلك أن يمسك في فمه عصارة الخس فبرأ برأً تاماً وكان ذلك وفق مشورتي‏.‏

وأما إن كان الورم صلباً فينبغي أن تلطف التدبير وتجود الغذاء وتستفرغ الأخلاط الغليظة بالأيارجات الكبار المذكورة في أبواب سلفت ويستعمل الغراغر الملطفة ويمسك في الفم نقيع الحلبة وطبيخها بالتين وحبّ الغار مع الزبيب المنقى ويمسك في الفم لبن النساء أو الأتن أو الماعز وأيضاً طبيخ التمر والتين بالنبيذ الحلو أو برب العنب أو بغسل الخيارشنبر ويدام تليين الطبيعة بمثل الأيارج الصغير أو الخيار شنبر‏.‏

 فصل في الخلل في الكلام

قد ذكرنا بعض ما يجب أن يقال فيه في باب استرخاء اللسان وأما الآن فنقول أن الخرس وغيره من آفات الكلام قد يكون من آفة في الدماغ وفي مخرج العصب الجائي إلى اللسان المحرك له وقد يكون في نفس الشعبة وقد يكون في العضل أنفسها‏.‏

وذلك الخلل إما تشنّج وإما تمدّد أو تصلّب أو استرخاء أو قصر رباط أو تعقّد عن جراحة اندملت أو ورم صلب‏.‏

وقد يكون ذلك كما تعلم من رطوبة في الأكثر وقد يكون من يبوسة وقد تكون الآفة في الكلام من جهة أورام وقروح تعرض في اللسان ونواحيه‏.‏

وقد يعرض السرسام لاندفاع العضل من الدماغ إلى الأعصاب وفي الحمّيات الحارة لشدّة تجفيفها ويكون اللسان مع ذلك ضامراً متشنّجاً وهو قليلاً ما يكون‏.‏

وهذه من الآفات العرضية الغير الأصلية وقد تكون الآفة في الكلام لسبب في عضل الحنجرة إذا كان فيها تمدّد أو استرخاء‏.‏

فبما كان الإنسان يتعذّر عليه التصويت في أول الأمر إلا أنه يعنف في تحريك عضل صدره وحنجرته تعنيفاً لا تحتمله تلك العضلة فتعصى فإذا يبس في أول كلمة ولفظة استرسل بعد ذلك‏.‏

ومثل هذا الإنسان يجب أن لا يستعدّ للكلام بنفس عظيم وتحريك للصدر عظيم بل يشرع فيه بالهويني فإنه إذا اعتاد ذلك سهل عليه الكلام واعتاد السهولة فيه‏.‏

وأما سائر الوجوه فقد ذكرت معالجاتها في أبوابها‏.‏

والكائن بعد السرسام فقد ينفع منه فصد العرقين

 فصل في الضفدع

هو شبه غدّة صلبة تكون تحت اللسان شبيهة اللون المؤتلف من لون سطح اللسان والعروق التي فيه بالضفدع وسببه رطوبة غليظة لزجة‏.‏

المعالجات‏:‏ يجرّب عليه الأدوية الأكّالة المقطّعة المحللة والتي فيها أفضل تجفيف مثل النوشادر والخلّ والملح والدلك بالزنجار والزاج‏.‏فإن لم ينجع استعملت الأدوية الحادة مثل دواء أبيرون ودواء اسفارون ودواء البيض الرطب المذكور في الأقراباذين واستعمال الفصد تحت اللسان وأدوية القَلاع القوي فإن لم ينجع لم يكن بدّ من عمل اليد‏.‏

ومن الأدوية الممدوحة فيه أن يؤخذ الصعتر الفارسي وقشور الرمان والملح ويدلك به لسان الصبي المضفدع فإنه يبرئه‏.‏

ومما جرّب فيه الزاج المحرق والسورنجان يجمعان بياض البيض ويوضع تحت اللسان‏.‏

 فصل في حرقة اللسان

قد يكون ذلك بسبب حرارة في فم المعدة أو الدماغ لا يبلغ أن يكون حمّى أو بسبب تناول أشياء حريفة ومالحة ومرّة وحلوة والعطش الشديد‏.‏

ويكون لأسباب أعظم من ذلك مثل الحميات الحارة والأورام الباطنة‏.‏

وعلاج ذلك في الجملة أنه يجب أن يمنع من يشكو ذلك وخصوصاً من المرضى أن ينام على القفا ومن أن يديم فغر الفم ويلزم استعمال الحبوب المتخذة من حبّ البطيخ والقثاء والخيار القرع والترنجبين والنشا وما أشبه ذلك ويمسك في الفم نوى الإجاص والتمرة الهندية وسكّر الحجاز والألعبة المعلومة والعصارات المبردة المرطّبة ويمسح عليه إن كان هناك خلط لزج ودهن ثم يتعهّد بأن يدهن ويمضمض بالأدهان والموم ودوغنات والألعبة والعصارات وشحوم الطير‏.‏

ومن الناس من يعالج ذلك بدلكه بالنعناع‏.‏

 فصل في علاج الشقوق في اللسان

لعاب بزرقطونا يمسكه في الفم ويتجرعه وتناول الأكارع والبيض النيمبرشت‏.‏

ومما جرب فيه الزبد الحادث من تدلك قطع القثاء والسبستان‏.‏

 فصل في دلع اللسان

قد يكون لأورامه العظيمة وقد يكون عند الخوانيق فتدلع الطبيعة أو الإرادة اللسان ليتسع مجرى التنفّس‏.‏

 فصل في البثور في الفم‏:‏ أكثر ما يتبثر الفم يكون لحرارة في نواحي المعدة والرأس وبخارات وقد يكون في الحمّيات‏.‏

وقد قيل إذا ظهر في الحمّيات الحادة بثور سود في اللسان مات العليل في اليوم الثاني‏.‏

وأما المفردات النافعة في البثور في أول الأمر إذا احتيج إلى تبريد وتجفيف فهو مثل الأملج والعفص وبزر الورد والنشا وثمر الطرفاء وشياف ماميثا والجلنار والكثيراء والصندلين والورد والطباشير والسقاق والعدس والطين الأرمني وأقماع الرمان وجفت البلوط وقليميا وفوفل والعصارات الباردة مثل عصارة الخس وعنب الثعلب وعصا الراعي والبقلة الحمقاء وأطراف الكرم‏.‏

وكثير من الصبيان من يعالج بثور أفواههم بالشكّر الطبرزذ والكافور‏.‏

وأما الحارة المحتاج إليها في آخر الأمر فمثل الماميران والدارشيشعان خاصة وقشور جوزبوا والسعد والزعفران وجوز السرو ولسان الثور وعاقرقرحا وقرنفل وفوتنج والسك من الأدوية القذرة خرء الكلب وربما احتيج في المتقرّح منها إلى الزرنيخ‏.‏

وقد جرب للغليظ منها طبيخ الدارشيشعان أوقية عروق نصف أوقية ماميران ربع أوقية صبر وزن درهمين زعفران مثقال وكذلك ما طبخ فيه القرنفل وجوزبوا والدارشيشعان أجزاء سواء أو متقاربة‏.‏

وإذا أخذت البثور تتقيّح فيجب أن يقرب منها اللعابات المتخذة من مثل بزر الكتان وبزر المرو والشاهسفرم وبزر الخطمي وهذه البزور أنفسها ودقيق الشعير ولبن الأتن وحده أو مع شيء من هذه‏.‏

وربما احتيج إلى طبيخ بزر كتان بالتين والسمن ودقيق الحنطة والنعناع والحلبة‏.‏

قال بعض محصلي الأطباء أنه لا شيء أبلغ في علاج بثور الفم من إمساك دهن الأذخر فاتراً في الفم‏.‏

 فصل في القلاع والقروح الخبيثة

القلاع قرحة تتكوّن في جلدة الفم واللسان مع انتشار واتساع وقد يعرض للصبيان كثيراً بل أكثر ما يعرض لهم إنما يعرض لرداءة اللبن أو سوء انهضامه في المعدة وقد يعرض من كل خلط ويتعرف بلونه والأبيض منه بلغمي وتولده من بلغم مالح في الأكثر والأصفر صفراوي ويكون أشد تلقباً من غيره والأسود سوداوي والأحمر الناصع دموي‏.‏

وأخبث الجميع هو السوداوي‏.‏

وقد يكون من أصناف القلاع ما هو شديد التآكل ويكون منه ما هو أمكن وقد يكون مع ورم وقد يكون مفرداً وكل قرحة تحدث في سطح الفم فإنها تسرع إلى الإنبساط لما لا ينفك عنه من حرارة لازمة وجلدته رطبة لينة‏.‏

ومن عادة جالينوس أن يسمّيها قلاعاً ما دامت في السطح فإذا تعفّنت وغاصت لم يسمّها قلاعاً بل قروحاً خبيثة وهي التي تحتاج إلى أدوية كاوية وقد يكثر القلاع إذا كثرت الأمطار ويكثر في الحمّيات الوبائية‏.‏

العلاج‏:‏ يجب أن يقصد أولاً الخلط الغالب الفاعل للقُلاع فيستفرغ من البدن كله إن كان غالباً ثم من العرق الذي تحت الذقن ومن الجهارك خاصة فإن فصده نافع في جميع أمراض الفم الحارة المادية‏.‏

ثم يستعمل الأدوية البثرية المذكورة على أن يعالج القوي الكثير الرطوبة والصديد والمدّة بالقوي والمعتدل بالمعتدل والضعيف بالضعيف‏.‏

إذا كاد القرح يبلغ العظم فيحتاج إلى القوية جداً مثل الفلفلموية بأقاقيا كثير ويجب أن يجتنب الأدهان كلها حتى الزيت‏.‏

وأما الأدوية‏:‏ فتلتقط من أدوية البثور الباردة والحارة التي ذكرناها في الباب الأول وما كان من أحمر دموياً فأوفق أدويته في الأول ما فيه قبض يسير وتبريد ثم من بعد ذلك ما يحلل وما كان منه إلى الشقرة والصفرة فيجب أن يزاد في تبريد الدواء‏.‏

وأما غير ذلك فيحتاج أولاً إلى ما يجفف ويجلو وبكيفية معتدلة في أول الأمر ثم إلى ما يجفف ويحلل بقوة ويراعى السن في جميع ذلك‏.‏

وأما الصبيان فيجب أن تكون أدويتهم أضعف وأن يصلح لبنهم‏.‏

وأما الكبار‏.‏

فيجب أن تكون أدويتهم أقوى‏.‏

والصبيان ربما نفعتهم الأغذية وحدها فإن لم يكونوا يأكلون وجب أن تطعمها المرضع‏.‏

وأما الأدوية الصالحة للحار من القلاع فمثل مضغ ورق العليق ومثل العدس بالخلّ‏.‏

وجميع المخاخ إذا خلطت بالسفرجل كانت نافعة وخصوصاً مخ الأيل والعجل والتفاح القابض والكمثري القابض والزعرور والسفرجل والعنّاب وأطراف الكرم والخبازي البستاني جافاً ودقيق العدس ودقيق الأرز‏.‏

وأقوى من ذلك الذرور والمتخذ من العفص والطباشير والورد والأقاقيا ونحو ذلك‏.‏

وللماميران مع القوابض قوة عجيبة في القُلاع والكافور شديد المنفعة في القُلاع‏.‏

وأما الباردات فاستعن عليها بالجوالي المجفّفة وخصوصاً على البلغمي منها وبالمحلّلات القوية التحايل والتجفيف خصوصاً السوداوي مثل دقيق الكرسنّة‏.‏

والعسل مع عفص ومرارة الرقّ شديد المنفعة في ذلك وخصوصاً للصبيان إذا خلط بالخلّ وللخبيث زاج بخلّ وإذا كانا أكّالين رديئين فلا بد من استعمال الزنجار مع القلقطار والعفص في الميبختج أو عفص وشبّ وجلّنار سواء واستعمال أقراص موشاس أو كحل طرخماطيقون بعصارة قابضة مثل عصارة الحصرم‏.‏

ومن الأدوية المشتركة الشبّ والعفص المسحوقان كالذرور والغابر يدلك به الفم دلكاً ناعماً‏.‏

والعفص نافع من كل قُلاع خبيث‏.‏

وخصوصاً إذا طبخ بخلّ وملح ويمضمض به في قلاع الصبيان‏.‏

ولرماد المازريون خاصية في القُلاع الرديء وهو من الأدوية المشتركة لأصناف القلاع وكذلك البستان أفروز بالماء النحاسي والمردي المحرق‏.‏

وأما القلاع السوداوي الأسود فينفع منه أن يطلى بعسل عجن به زبيب منزوع العجم وأنيسون فإن كان هناك ورم أيضاً فاستعمل هذا المرهم وصفته‏:‏ يؤخذ ماء الباذروج سكرجة دهن الورد نصف سكرجة عدس نصف سكرجة زعفران وزن مثقالين يتخذ منه مرهم‏.‏

 فصل في كثرة البصاق واللعاب وسيلانه في النوم

قد يعرض هذا من كثرة الحرارة والرطوبة وخصوصاً في المعدة وقد يكون لاستيلاء الحرارة وحدها كما يعرض للصائم ولمقل الغذاء أو فاقده من البصاق الدائم حتى يطعم فيهدأ ذلك منه وقد يعرض من بلغم أو من برد‏.‏

المعالجات‏:‏ إن كان من حرارة فيجب أن يفصد الباسليق أوَّلاً ويستعمل الربوب الحامضة والفواكه الباردة القابضة والنبيذ الغير العتيق بمزاج كثير ويجعل الغذاء من السمك واللحمان الخفيفة مثل لحم الجداء والطير ويدام التمضمض بالسلاقات القابضة المتخذة من العدس والسماق ومثله‏.‏

وإن كان من برد وبلغم استعمل القيء بما تعلمه في كل أسبوع مرتين أو ثلاثة ويسقى في كل أسبوع مرة من هذا الدواء نحن واصفوه‏.‏ونسخته‏:‏ أيارج فيقرا درهمان ملح هندي دانقان أنيسون نانخوا من كل واحد دانق يسقى بالسكنجبين العسلي أو البزوري ويستعمل بعد ذلك الترياق والجوارشنات الحارة وأما غذاؤه فالفراخ المطجّنة بالأفاوية والثوم والخردل والتناول في العشيّات الكعك بالمري النبطي ثم يتجرع الماء الحار ويستاك قبيل النوم‏.‏

ومن المعالجات المشتركة الجيدة أن يتناول كل يوم درهم ملح جريش بالهندبا الطري ثم يستعمل الأطريف الصغير ويديم استعمال السواك الطويل وقد جربت الفارة المشوية فوجدت نافعة وخصوصاً للصبيان‏.‏

 فصل في قطع الروائح الكريهة من المأكولات

ينفع من ذلك مضغ السذاب ومضغ ورق العليق والمضمضة بعدهما بخلّ العنصل واستعمال السعد والزرنباد في الفم‏.‏

 فصل في نزف الدم

إن كان خروجه من جوهر الفم وجلدته فعلاجه بالقوابض المذكورة في باب البثور وغيرها ولطبيخ قضبان الكرم وعساليجه منفعة عظيمة وإن كان من موضع آخر فنحن قد أفردنا له باباً بل أبواباً‏.‏

 فصل في البخر

إما أن يكون مبدؤه اللثة لعفونة منها أو لاسترخاء يعرض لها أو عفونة في أصل الأسنان آذت نفس السن وإما أن يكون مبدأه جلدة الفم لمزاج رديء فيها بغير الرطوبات‏.‏

وأكثر هذا المزاج حار وإما أن يكون مبدؤه فم المعدة لخلط عفن في فمّ المعدة إما صفراوي أو بلغمي وقد تكون من نواحي الرئة كما يعرض لأصحاب السل‏.‏المعالجات‏:‏ أما ما كان مَن اللثة والعمور فيجب أن يعتنى بتنقية الأسنان دائماً وغسلها بالخلّ والماء فإن نجع ذلك فبها ونعمت وإن لم ينجع بل كان هناك فضل عفونة فيجب أن يمضغ بعد ذلك تمرة الطرفاء والعاقرقرحا والسذاب والسادج والعود والمصطكي وقشر الأترج والقرنفل وأن يجعل على اللثة الصبر والمرّ ونحوهما وأن يتمضمض بخل العنصل وأن يتدلك بالأنيسون والطلي أو النبيذ الحلو وإن كان أقوى من ذلك مضغ الميويزج وتفل الريق‏.‏

فإن لم ينجع وظهرت العفونة ظهوراً بيناً أخذ من الزاج المحرق جزءاً ومن أصل السوسن والزعفران من كل واحد نصف جزء ويعجن بعسل ويقرّص ويستعمل ويتمضمض بعده بالخل صرفاً أو ممزوجاً بماء الورد أو يؤخذ دواء أقوى من هذا وهو من القرطاس المحرق ثلاثة دراهم ومن الزرنيخ درهمان ونصف وسكّ وسماق وزنجبيل وفلفل محرق أقراص فلدفيون من كل واحد درهمان يتخذ منه دلوكاً ولصوقاً ويجعل عليه خرقة كتان‏.‏

والقلي وحده إذا استعمل على العفونة قلعها وأسقطها وأنبت لحماً جيداً‏.‏

ومما جرب‏:‏ أقاقيا زرنيخ أحمر زرنيخ أصفر نورة شب يتخذ منه أقراص بخلّ ثم يسحق بماء العسل أو طبيخ الأبهل‏.‏

أما إن كانت العفونة في نفس السن فدواؤه حكها إن كانت في الطرف أو بردها بالمبرد أو قلع السن إن كانت العفونة تلي أصل السن‏.‏

وإن كان هناك استرخاء اللثة وكان السبب حدوث العفونة فعلاجها شدها بما نذكر في باب استرخاء اللثة‏.‏

وإن كان الخلط صفراوياً عفن في المعدة أو في جلدة الفم فلا شيء أنفع له من المشمش الرطب على الريق وكذلك البطيخ أو الخيار أو الخوخ‏.‏

وإذا لم يحضر المشمش أو الخوخ الرطب استعمل نقوع القديد منهما على الريق وخصوصاً قديد المشمش‏.‏

ومما ينفع من ذلك استعمال السويق بالسكر وماء الثلج واستعمال حبوب صبريه ذكرناها في الأقراباذين‏.‏

ويجعل غذاءه كل غسّال مبرد غير مستحيل إلى الصفراء وإن كان الخلط بلغمي استعمل القيء أولاً واستعمل الأيارجات المنقّية لفم المعدة المذكورة في باب المعدة واستعمل الأطريفل الصغير والزنجبيل المربى والصحناة خاصة ويجعل غذاءه المطجّنات ويقلّ شرب الماء الكثير ويهجر الفواكه والبقول الرطبة ويتخذ مساويكه من الأشجار المرّة المقطّعة مثل الأراك والزيتون‏.‏

ومما ينفعهم من الأدوية أن تأخذ كل بكرة من ورق الآس مع مثله زبيباً منزوع العجم كالجوزة ومثل ذلك من جوز السرو والابهل والزبيب وينفعهم حب الصنوبر وأيضاً حب الفوفل قرنفل خولنجان من كل واحد نصف درهم مسك كافور من كل واحد دانق عاقر قرحاً درهم صبر ثلاثة دراهم خردل درهم يتخذ حباً بالطلي‏.‏

والأدوية البسيطة المجرّبة فهي مثل الكندر والعود الهندي والقرفة وقشور الأترج والورد والكافور والصندل والقرنفل والكبابة والمصطكي والبسباسة وجوزبوا وأصل الأذخر والأرمال والأشنة وأظفار الطيب والقاقلة والفلنجمشق وورق الأترج والسنبل والنارمشك والزنجبيل وسائر ما تجده في الألواح المفردة ومما يعجن به الأدوية الميبة والميسوسن وعصارة الأترج‏.‏

 فصل في بقاء الفم مفتوحاً

الفم يبقى مفتوحاً إما لشدّة الحاجة إلى التنفس العظيم أو للالتهاب الملهب أو للضيق والخناق أو لضعف عضل الفم فلا تعمل عملها في النوم وذلك في الأمراض الحادة رديء وأما ألوان اللسان فأولى المواضع بتفصيلها مواضع أخرى وعند ذكر الأمراض الحادة‏.‏

 الفن السابع أحوال الأسنان

وهو مقالة واحدة

 فصل في الكلام في الأسنان

قد علمتَ أنَّا تكلمنا في الأسنان وتشريحها ومنافعها فيجب أن يتأمّل ما قيل هناك وليعلم أن الأسنان من جملة العظام التي لها حسّ لما يأتيها من عصب دماغي لين فإذا أَلِمَتْ أحسّ بما يعرض فيها من ضربان واختلاج وربما أحست بحكّة ودغدغة‏.‏

وقد يعرض فيها أعراض من الاسترخاء والقلق والانقلاع والنتوّ ومن تغير اللون في جوهرها وفي الطليان المركب عليها ويعرض لها التألم والتأكل والتعفّن والتكسّر‏.‏

وقد يعرض لها الأوجاع الشديدة والحكة ويعرض لها الضرس وهو صنف من أوجاعها ويعرض لها العجز عن مضغ الحلو والحامض والتضرّر من الحار والبارد وقلة الصبر عن لقاء أحدهما أو كلاهما‏.‏

وقد يعرض لها تغير في مقاديرها بالطبع بأن تطول وتعظم أو تنسحق وتصغر‏.‏

وقد يعرض فيها أنواع من الورم - ولا عجب من ذلك - فإن كل ما يقبل التمدد بإنماء الغذاء يقبل التمدد بالعضل ولو لم تكن قابلة للمواد النافذة فيها المزيدة إياها ما كانت تخضر وتسودّ فإن ذلك لنفوذ الفضل فيها‏.‏

وقد خلقت الأسنان قابلة للنمو والزيادة دائماً ليقوم لها ذلك بدل ما ينسحق حتى إن السنّ المحاذية لموضع السنّ الساقطة أو المقلوعة تزداد طولاً إذا كانت الزيادة ترد عليها ولا يقابلها الانسحاق‏.‏

واعلم أن الأسنان قد يستدل على مزاجها من اللثة ولونها هل هي صفراء مرّية أو بيضاء بلغمية أو حمراء دموية وهل هي إلى كمودة وسواد سوداوي‏.‏

 فصل في حفظ صحة الأسنان

من أحب أن تسلم أسنانه فيجب أن يراعي ثمانية أشياء‏:‏ منها أن يتحرّز عن تواتر فساد الطعام والشراب في المعدة لأمر في جوهر الطعام وهو أن يكون قابلا للفساد سريعاً كاللبن والسمك المملوح والصحناة أو لسوء تدبير تناوله مما قد عرف في موضعه‏.‏

ومنها‏:‏ أن لا يلح على القيء وخصوصاً إذا كان ما يتقيأ حامضاً‏.‏

ومنها‏:‏ أن يجتنب مضغ كل علك وخصوصاً إذا كان حلواً كالناطف والتين العلك‏.‏

ومنها‏:‏ اجتناب المضرسات‏.‏

ومنها‏:‏ اجتناب كل شديد البرد وخصوصاً على الحار وكل شديد الحرّ وخصوصاً على البارد‏.‏

ومنها‏:‏ أن يديم تنقية ما يتخلّل الأسنان من غير استقصاء وتعد إلى أن يضرّ بالعمور وباللحم الذي بين الأسنان فيخرجه أو يحرّك الأسنان‏.‏

ومنها‏:‏ اجتناب أشياء تضرّ الأسنان بخاصيتها مثل الكرّات فإنه شديد الضرر بالأسنان واللثِّة وسائر ما ذكرنا في المفردات‏.‏

وأما السواك‏:‏ فيجب أن يستعمل بالاعتدال ولا يستقصى فيه استقصاء يذهب ظلم الأسنان وماءها ويهيئها لقبول النوازل والأبخرة الصاعدة من المعدة وتصير سبباً للخطر‏.‏

وإذا استعمل السواك باعتدال جلا الأسنان وقوّاها وقوى العمور ومنع الحفر وطيَّب النكهة‏.‏

وأفضل الخشب بالسواك ما فيه قبض ومرارة ويجب أن يتعهّد تدهين الأسنان عند النوم وقد يكون ذلك الدهن إما مثل دهن الورد إن احتيج إلى تبريد وأما مثل دهن البان والناردين إن احتيج إلى تسخين‏.‏

وربما احتيج إلى مركَب منهما والأولى أن يدلك أولاً بالعسل إن كان هناك برد أو بالسكّر إن كان هناك ميل إلى برد أو قلة حرّ وكل واحد منهما يجمع خلالاً محمودة الجلاء والتغرية والتسخين والتنقية‏.‏

والسكر في ذلك كله دون العسل وإن سحق الطبرزذ وخلط بالعسل واستعمل جلّى ونقّى وشد اللثة‏.‏

ثم يجب أن يتبع بالدهن‏.‏

ومما يحفظ صحة الأسنان أن يتمضمض في الشهر مرتين بشراب طبخ فيه أصل اليتّوع فإنه غاية بالغ لا يصيب صاحبه وجع الأسنان وكذلك رأس الأرنب المحرق إذا استنّ به وكذلك الملح المعجون بالعسل إذا أحرق أو لم يحرق‏.‏

والمحرق أصوب ويجب أن يتخذ منه بندقة ويجعل في خرقة ويدلك به الأسنان وكذلك الدلك بالترمس وكذلك الشبّ اليماني بشيء من المرّ وخصوصاً الشبّ المحرق بالخلّ‏.‏

وإذا اندبغت الأسنان بهذه الأدوية فيجب أن يستعمل بعدها العسل والدلك به أو بالسكر ثم يستعمل الدلك بالأدهان على نحو ما وصفناه‏.‏

وإذا كانت السن عرضة للنوازل وجب أن يمسك في الفم طبيخ الأشياء القابضة إمساكاً طويلاً ويدام ذرّ الشب والملح المحرقين عليها‏.‏

قول كلّي في علاج الأسنان والأدوية السنية‏:‏ الأدوية السنية منها حافظة ومنها معالجة لأن جوهر الأسنان يابس والأدوية الحافظة لصحة الأسنان ولردّها في أكثر الأمر إلى الواجب هي الأدوية المجففة وأما الحارة أو الباردة فيحتاج إليها عند عارض من إحدى الكيفيتين قد زالت بها عن المزاج الطبيعي زوالاً كبيراً فأشدّ الأدوية مناسبة لمصالح الأسنان هي المجففة المعتدلة في الكيفتين الأخريين وكل سنّي يجفف إما ليس للسنّ لا لأنه سني بل لأجل عارض يعرض له ثم المجففات باردة يابسة وحارة يابسة‏.‏

وأجود أدوية الأسنان ما يجمع إلى التجفيف والنشافة جلاء وتحليل فضل إن اندفع إلى السنّ تحليلاً باعتدال ومنع مادة تنجلب إليها فالمجففات الباردة والتي إلى برد ما لا تضرس بحموضتها أو عفوصتها تضريس الحصرم وحماض الأترج وهي السكّ والكافور والصندل والورد وبزره والجلنار ودم الأخوين وثمرة الطرفاء والعفص والكهرباء واللؤلؤ والفوفل ودقيق الشعير ولحاء شجرة التوت وورق الطرفاء وأصل الحماض‏.‏

و الحارة والتي إلى حرّ ما فمنها ما حره في جوهره ومنها ما حرّه مكتسب‏.‏

والذي الحر في جوهره مثل الملح المحرق والشيح المحرق والسعد الحيّ والمحرق والدارصيني والزوفاء وفقّاح الأذخر وثمرة الكبر‏.‏

وأقوى منها قشر أصله والعود والمسك والبرشاوشان الحي والمحرق وورق السرو والأبهل والساذج وقرن الأيل المحرق وغير المحرق ورماد قشر الكرم ورماد رأس الأرنب والتمر المحرق والحارة بقوّة مكتسبة كرماد العفص وإذا طفئ بالخلّ كان إلى الاعتدال أقرب ورماد قضبان الكرم ورماد القصب وما أشبه ذلك‏.‏

وأما المعتدلة فمثل قرن الأيل المحرق إذا غسل ومثل جوز الدلب ومنها لحاء شجرة الصنوبر ومنها أدوية جاءت من طريق التركيب وهي مثل دقيق الشعير إذا عجن بملح وميسوسن ثم أحرق والتمر المعجون بالقطران يحرق حتى يصير جمراً ثم يرشّ عليه ميسوسن‏.‏

ومن السنونات المجرّبة سنون مجرّب ونحن واصفوه ونسخته‏:‏ قرن الأيل المحرق عشرة دراهم ورق السرو عشرة دراهم جوز الدلب بحاله خمسة دراهم أصل فيطايلون عشرة برشياوشان محرق خمسة ورد منزوع الأقماع ثلاثة سنبل ثلاثة ينعّم سحقه ويتخذ منه سنون‏.‏

وأيضاً سنون أخر جيّد نسخته‏:‏ يؤخذ قرن الأيل محرق كزمازك وهو ثمرة الطرفاء وسعد وورد وسنبل الطيب من كل واحد درهم ملح إندراني ربع درهم يتخذ منها سنون‏.‏

وسنذكر أيضاً سنونات أخرى في أبواب مستقبلة وسنونات أخرى في القراباذين‏.‏

ونبتدئ فنقول‏:‏ إنَّ علاج الأسنان بالمجففات علاج كما علمت مناسب وبالمسخّنات والمبرّدات علاج يحتاج إليه عند شدّة الزوال عن الاعتدال الخاص‏.‏

والأدوية السنيّة منها سنونات ومنها مضوغات ومنها لطوخات ومخبّصات على الأسنان أو على الفكّ ومنها مضمضات ومنها دلوكات ومنها أشياء تحشى ومنها كمادات ومنها كاويات ومنها قالعات ومنها بخورات ومنها سعوطات ومنها قطورات في الأذن ومنها استفراغات للمادة بفصد أو حجامة من أقرب المواضع‏.‏

ومن أدوية الأسنان ما هي محلّلة ومنها ما هي مبردة ومنها ما هي مخدرة‏.‏

والمخدرات إذا استعملت في الأسنان كانت أبعد شيء من الخطر لكن إكثارها ربما أفسد جوهر الأسنان‏.‏

وكذلك الأدوية الشديدة التحليل والتسخين يجب أن لا تستعمل إلا عند الضرورة وهي مثل الحنظل والخربق وقثاء الحمار وغير ذلك وأن يتوفى وصول شيء منها ومن المخدرات إلى الجوف‏.‏

وكثيراً ما يحتاج إلى ثقب السن بمثقب دقيق لينفس عنه المادة المؤدية ولتجد الأدوية نفوذاً إلى قعره‏.‏

والخل مع كونه مضراً بالأسنان قد يقع في أدوية الأسنان المبردة والمسخنة معاً‏.‏

أما المبردة فلأنه يبرد بجوهره ولأنه ينفذ وأما في المسخنة فلأنه ينفذ ولأنه يعين بالتقطيع على التحليل وأما مضرّته حينئذ فتكون مكسورة بالأدوية السنيّة التي تخالطه‏.‏

 فصل في أوجاع الأسنان

اعلم أن الأسنان قد توجع بسبب وجع يكون في جوهرها على ما أخبرنا به سالفاً وقد يكون لسبب وجع يكون في العصبة التي في أصلها وقد يكون لسبب وجع يكون في اللثّة وورم وزيادة لحم نابت فيها يقبل المادة أو لاسترخائها وترهّلها فتقبل المواد الرديئة فتعفن فيها وتؤذي الأسنان وأيضاً تجعل الأسنان قلقة‏.‏

وقد يعسر على كثير من المتألمين في أسنانهم الوجعة التمييز بينها‏.‏

وأنواع علاجها مختلفة‏.‏

وأسباب أوجاع الأسنان‏:‏ إما سوء مزاج ساذج من برد أو حرّ أو جفاف لعدم الغذاء كما في المشايخ دون الرطب على ما علم في موضعه أو مع مادة أو ريح‏.‏

والمادة إما أن توجع بالكثرة أو بالغلظ أو بالحدّة‏.‏

وقد تكون المادة مورمة للسنّ نفسها وقد تكون مؤكلة وربما ولدت دوداً‏.‏

ومبدأ المادة إما من المعدة أو من الرأس أو من الموضعين جميعاً وإن كان البدن كله ممتلئاً من تلك العادة فإن المجرى من البدن إلى الأسنان من هذين الطريقين‏.‏

وقد توجع الأسنان في الحميات الحادة على سبيل المشاركة في سوء المزاج‏.‏

وإذا حدث تحت المتكل من الأسنان وجع وضربان ففي أصله فضل لم تنضج فيعالج الوجع والورم ثم ليقلع‏.‏

العلامات‏:‏ يجب أن تتأمل فتنظر هل مع وجع السن مرض في اللثة أو في نواحيها فإن وجدت ورماً في اللثة حدست وحكمت أنه ربما لم يكن السبب في نفس السن وكذلك إن كان الغمز على نفس اللثة يؤلم‏.‏

وإن لم تجد ورماً في اللثة فالسبب إما في نفس السن وإما في العصب الذي في أصله‏.‏

فإن أحسست ورماً في السن أو تأكلاً فالسبب في جوهره‏.‏

وكذلك إذا أحسست الألم يمتد طول السن‏.‏

وإما إن لم تحس ألماً إلا في الغور فالسبب في العصبة التي في أصله وخصوصاً إذا وجدت وجَعاً فاضياً في العمور أو في الفك وأحسست كالضرس‏.‏

وأنت تستدل على الأمزجة الحارة والباردة بما عملته وعلى اليابس بضمور السن وقلقه وعلى الريح بانتقال الوجع الممدد وعلى الخلط الغليظ برسوخ الوجع من غير حرارة وبرودة ظاهرتين جداً وعلى الخلط الحار الدموي أو الصفراوي بسرعة التأذي بما يوجع وبغرز يكون في الوجع وتغير لون إلى مشاكلة الخلط وحرارة حادة عند اللمس‏.‏

ويعرف أن مبدأ الخلط من الدماغ أو من المعدة بما يجد في أحدهما أو كليهما من الامتلاء وإذا كان سبب الوجع في اللثة لم يغن القلع ولم يحتج إليه‏.‏

وإذا كان في السنّ زال الوجع بالقلع وإذا كان في العصبة فربما زال بالقلع وربما لم يزل وإنما يزول بسبب وجدان المادة التي تطلب الطيعة أو المواء تحليلها مكاناً واسعاً تندفع فيه بعدما كانت مخنوقة محبوسة في السن‏.‏

المعالجات‏:‏ أما إن كان الوجع بمشاركة عضو فابدأ بتنقية العضو المشارك بفصد أو بإسهال بمثل الأيارج وشحم الحنظل أو بمثل السقمونيا أو بمثل النقوعات أو بالغرافرات المنقية للرأس إن كان السبب في الرأس‏.‏

وأما إذا كان هناك ورم محسوس في اللثة والعمور فيجب أن تبدأ بالفصد في الإسهال بحسب القوة والشرائط وأن تمسك في الابتداء في جميعها المبردات من العصارات والسلاقات ونحوها في الفخ مقواة بالكافور من غير إفراط في القبض وكثيراً ما يكفي الاقتصار على دهن الورد والمصطكي أو على زيت الأنفاق أو على مثل دهن الآس وينفع من ذلك أن يؤخذ نبيذ عتيق ودهن ورد خام يطبخ نبيذ الزبيب فيه طبخاً جيداً ويمسك في الفم ثم بعد ذلك يتمزج إلى المحللات المنضجة ويتوقّى أن يسيل من القوية منها شيء إلى الجوف ويتدرج أيضاً إلى استفراغ من نفس العضو بأن يرسل على أصول الأسنان العلق أو يفصد كعرق الذي تحت اللسان أو يحجم تحت اللحية بشرط‏.‏

وإذا اشتد الوجع فيجب أن يلصق على أصل السن عاقرقرحا مع كافور ويعيدهما كلّما انحلا وإن زادت الشدة من الوجع احتيج كثيراً إلى استعمال أفيون مع دهن الورد‏.‏

وكلما وجد عن ذلك محيص فتركه أولى بل يجب أن يستعمل بالإنضاج وأما إذا كان السبب في نفس السن أو في العصبة ولم يكن مادة بل سوء مزاج عولج مما يضاده من الأدوية السنية المعلومة‏.‏

فإن كان سبب سوء مزاجه وضعفه عضا على حار تمضمض بدهن بارد المزاج مفتر ثم تصيره بارداً بالفعل‏.‏

وإن كان سبب سوء مزاجه عضاً على بارد استعمل بدل ذلك من الأدهان الحارة مثل دهن النادرين ودهن البان وعضّ على صفرة البيض المشوية الحارة أو على خبز حار‏.‏

وقد ينفع التدبير أن في كل الأصناف لسوء المزاجين المذكورين‏.‏

وأما إذا كان السبب الساذج يبساً فينفع منه أن يدلك بمثل الزبد وشحم البط وإن كان مع مادة أي مادة كانت حارة أو غليظةً أو كثيرة وجب أن يستفرغ بحسبها ويجب أن تبدأ في الابتداء بما يبرد ويردع في جميع ذلك وإن كان ذلك في المادة الحارة أزيد وجوباً وفي الغليظة أقلّ‏.‏

ومن الأشياء القوية الردع وخصوصاً في المواد الباردة الشبّ المحرق والمطفئ بالخل مع مثله ملح يسحقان جيداً ثم يستعملان ثم يتمضمض بعدهم بالخمر‏.‏

ومما يصلح للردع العفص بالخل فإن كانت المادة حارة عولجت بالعصارات المبردة ودبر في تعديلها فإن لم ينجع ذلك دبر إما في تحليلها وإما في تحديرها وإن كانت المادة غليظة أو كثيرة دبر بعدما ذكرناه من علام الابتداء بالتحليل أيضاً والأولى أن يكون في المضمضة بالخل ودهن الورد فإنه ربما جذب الخل الرطوبات الأصلية بعد الفضول وربما أحتجت أنتجمع إلى المحلّلات أدوية قوابض لأن العضو يابس‏.‏

وأما إن كان السبب ريحاً فالعلاج المحللات التي تذكر وخصوصاً السكبينج وحب الحرمل والقنّة‏.‏

 فصل في الأدوية المحلّلة المستعملة في أوجاع الأسنان

المحتاجة إلى التحليل

منها مضمضات يجب في جميعها أن تمسك في الفم مدة طويلة مثل خلّ طبخ فيه سلخ الحية أو خلّ طبخ فيه حنظل وهو قوي نافع جداً وإذا كان البرد ظاهراً فبالشراب أو زرنباد أو عاقرقرحا أو حلتيت مع خردل أو قشور الكبر أو قشور الصنوبر أو فوذنج أو ورق الدلب أو الجعدة وقشوره بخل أو ماء وكذلك ورق الغار والشيلم وكذلك عيدان الثوم مع عاقرقرحا أو خل جعل فيه كندس يمسك في الفم أو عاقرقرحا وثمر الطرفاء في الخلّ أو مرزنحوش يابس أو أصل قثاء الحمار أو عصارته في الخل أو مع حرمل مطبوخين في الخل أو كبيكج مطبوخاً في الخلّ‏.‏

وللوجع الضرباني طبخ العفص الفج بالخل أو عنب الثعلب بالخل وطبيخ البنج بالخلّ أو قرن الأيل المحرق مطبوخاً بالخلّ العنصلي أو مسحوقاً مجعولاً في سكنجبين ومنها غرغرات بمثل ما ذكرنا من المضمضات ومن ذلك أن يطبخ الزبيب الجبلي والثوم في الماء ويتغرغر به ويترك الفم مفتوحاً ليسيل لعاب كثير‏.‏

ومنها مضوغات تتخذ من الأدوية المذكورة وأمثالها من ذلك‏:‏ أن يؤخذ فوتنج جبلي وعاقرقرحا وفلفل أبيض ومر ويعجن بلحم الزبيب وببندق ويمضغ منه بندقة بندقة‏.‏

ومنها لطرخات وأطلية ونضوخات وأضمدة تتخذ من الأدوية المحللة المعروفة وتجمع بما له قوام مثل عسل أو قطران أو شيء محلول في الماء ينحل به أو عجناً بالماء وحده أو يؤخذ كرنب بحضض ويطلى أو يؤخذ للضربان خردل مسحوق ويوضع على أصل السن‏.‏

ومما جرّب أن يؤخذ لبّ نوى الخوخ ونصفه فلفل يعجن بقطران ويدلك بالسنّ أو يلصق عليه أو يلطخ بالترياق وحده أو الحلتيت وحده أو الشجرنا أو أراسطنحان أو سورطنحان أو شونيز مسحوقاً معجوناً بزيت يلطخ به‏.‏

مما جرب أن يؤخذ مر فلفل وعاقرقرحا وميويزج وزنجبيل من كل واحد جزء وبورق أرمني جزء ونصف ينعّم سحقها وتطلى به الأسنان واللثّة فإنه شديد النفع‏.‏

وقد تضمّد اللحى بمثل الخطمي والبابونج والشبث والحلبة وبزر الكتان بطبيخ الشبث ودهنه ويستعمل‏.‏

وقد‏.‏

زعم جالينوس أن كبد سام أبرص إذا جعلت على السنّ الوجعة المتألمة سكن وجعها وقتها‏.‏

ومنها كمّادات من خارج ويجب أن يستعمل إمّا قبل الطعام بساعتين أو بعده بأربع ساعات‏.‏

وهذا يحتاج إليه لشدة الوجع مثل أن يكمّد بالملح والجاورش أو بالزيت المسخّن أو بالشمع الذائب وقد تكمّد اللحى تكميداً بعد تكميد ليجذب إليه المادة فإذا ورم اللحى سكن الوجع وخصوصاً إذا كويت السن بدهن يغلي في الوقت‏.‏

ومنها كاويات وتدبير بالكي مثل أن يطبخ الزيت ببعض الأدوية المحلّلة المذكورة أو وحده وتؤخذ مسلّة تحمّى وتغمس في ذلك الزيت وتنفذ في تجويف أنبوب متهندم على السنّ الوجعة حتى تبلغ السن وتكويه وقد جعل على ما حواليه شمع أو عجين أو شيء آخر يحول بين السنّ وما حواليه من الأسنان والعمور‏.‏

ونفع هذا لما تكون المادة فيه في نفس السن أكثر وقد يقطر أيضاً في الأنبوب الدهن المغلي بعد الاحتياط المذكور والزيت أوفق من أدهان أخرى‏.‏

وربما احتيج في الكاويات إلى أن تثقب السن بمثقب دقيق لتنفذ فيه القوة الكاوية‏.‏

وإذا لم تنجع المعالجات كويت السن بالمسلّة المحمّاة مرات حتى تكون قد بالغت في كيه فيسكن الوجع وتفتت السن‏.‏

ومنها دلوكات تتخذ مما سلف والزنجبيل بالعسل دلوك جيد‏.‏

وأيضاً الخل والملح وأيضاً الخل وشحم الحنظل مع عاقرقرحا‏.‏

ومنها دخن وبخورات وأجودها أن تكون في القمع‏.‏

وقد يتخذ من المحلّلات مثل عروق الحنظل أو حبّه أو حبّ الخردل أو حافر حمار أو بزر البصل - وخصوصاً الدود - أو ورق الآس أو جعدة أو ورق السذاب أو عاقرقرحا‏.‏

ومنها سعوطات محللة مثل ماء قثاء الحمار وعصارة أصول السلق أو الرطبة أو ماء المرزنجوش‏.‏

ومنها قطورات في الأذن التي للوجع مثل أن تستعمل هذه السعوطات قطوراً في الأذن أو عصارة الكبر الرطب‏.‏

ومنها حشو للتأكل إن كان سبب الوجع من التأكّل ويجب أن يرفق ولا يحشى بعنف وشدّة فيزيد في الوجع مثل سكّ مع سعد أو مع مصطكى‏.‏

وأقوى من ذلك الحلتيت مع كبيكج أو شونيز مسحوقاً بزيت أو فلفل أو درديّ محرق أو فربيون أو عاقرقرحا أو يحشى بدواء لب الخوخ أو الفلفل المذكور بل يحشى الحار بالباردات والبارد بالحارات‏.‏

ومنها قلوعات نفرّد لها باباً ولا يجوز استعمالها إلا أن يكون الوجع في نفس السنّ لا غير‏.‏

 فصل في الأدوية المخدرة

قد تستعمل على الوجوه المذكورة في التحليل لكن الأولى أن تكون ملطوخة أو ملصقة أو محشوة على أنها قد تستعمل مضمضات وبخورات فمنها أن يؤخذ بزر البنج والأفيون والميعة والقنّة من كل واحد درهمان فلفل وحلتيت شامي من كل واحد درهم يتخذ منه شياف بعقيد العنب ويوضع على السنّ الوجعة‏.‏أو يؤخذ أفيون وجندبيدستر بالسواء ويقطر منهما حبة أو حبتان في دهن الورد في الأذن من الجانب الوجع أو يتخذ لصوق من أصل اليبروح بماء يمسكه أو يبخر على ما بين من صفة التبخير ببزر البنج أو بطبيخ أصل اليبروح وحده أو مع البنج بشراب ويمسك أيضاً في الفم وقد يسقى أيضاً المخدرات مثل الفلونيا فإنه يسقاه المشتكي سنه ويأخذ منه في فمه فينام فينضج مرضه ويسكن ألمه‏.‏

ومن جملة ما يخدّر من غير أذى الماء المبرد بالثلج تبريداً بالغاً ويؤخذ بالفم أخذاً بعد أخذ حتى يخدر السنّ فيسكن الوجع البتة وإن كان ربما زاد في الابتداء‏.‏ فصل في السن المتحرّكة

قد تفلق السن بسبب باد من سقطة أو ضربة وقد يقع من رطوبة ترخي العصب الشادّ للسن وتكون السنّ مع ذلك سمينة لم تقصف وقد يقع لتأكل يعرض لمنابت الأسنان فيوسّعها أو يدقق السن بما ينقص منها أو لانثلام الدردر وقد يقع لضمور يعرض في الأسنان ليبس غالب كما يعرض للناقهين والمشايخ الذين جاعوا جوعاً متوالياً وقصّر عنهم الغذاء وقد يقع لقصور لحم العمور‏.‏

المعالجات‏:‏ يجب أن يجتنب المضغ بتلك السنّ ويقل الكلام ولا يولع بها بيد أو لسان وبالجملة يترك المضغ إلى الحسو ما أمكن‏.‏

فإن كان السبب تأكلاً وعولج التآكل واستعمل القوابض المسددة من الأدوية السنية مضمضات ودلوكات وغير ذلك‏.‏

وإن كان السبب ضموراً تدورك بالأغذية على أن هذا مما يعسر تلافيه‏.‏

ثم تعالج بالمرطبات إلصاقاً ودلكاً وقطوراً في الأذن مثل دهن الورد والخلاف وعصارة ورق عنب الثعلب بل بالقوابض وإن كان لضمور السن لم تنجع الأدوية فإنها لا تكاد تسمتها مسرعة بل يجب أن تعالج بالأدوية القابضة الباردة وكذلك إن حدث عن ضربة‏.‏

فإن حدث عن رطوبة مرخية وجب أن تعالج بالقوابض المسخّنة كالمضمضة بماء طبخ فيه السحر وورق السرو أو نبيذ زبيب طبخ فيه الشب بنصفه ملحاً أو ماء طبخ فيه السكبينج‏.‏

ومن اللصوقات‏:‏ شبّ درهمان ملح درهم يلصق على أصله أو قشور النحاس مع الزيت وأصل السوسن وقشور السرو من كل واحد أربعة دراهم ومن الشبّ جزء أو يؤخذ رماد الطرفاء وملح سواء أو قرن أيل محرق وملح معجون بعسل محرق تمر محرق من كل واحد عشرة دراهم ومن المر والزعفران والسنبل والمصطكي من كل واحد جزءان سذاب يابس سمّاق وجلنار ومن كل واحد ثلاثة يتخذ منه سنون ولصوق‏.‏

وأيضاً القوابض مخلوطة بالصبر بالقلقطار وقليميا‏.‏

سنون‏:‏ صالح لهذا الباب وغيره‏:‏ ونسخته‏:‏ سعد وورد وسنبل الطيب ملح إندرتي كزمازك قرن أيل محرق أجزاء سواء‏.‏

والذي يكون بسبب نقصان لحم العمور يؤخذ له شبّ يمان وعود محرق وسعد وجلنار وسمّاق‏.‏

 فصل في تثقّب الأسنان وتآكلها

يعرض ذلك كله من رطوبة رديئة تعفن فيها‏.‏الغرض في علاج التآكل منع الزيادة على ما نأكل وذلك بتنقية الجوهر الفاسد منه وتحليل المادة المؤدية إلى ذلك ويمنع السنّ أن تقبل تلك المواد وتصرف تلك المواد عنها بالاستفراغات إن احتيج إليها‏.‏

والأدوية المانعة من التآكل هي المجفّفة فإن كان قوياً احتاج إلى قوي شديد التجفيف والإسخان وإن كان ضعيفاً كفى ما فيه تجفيف وقبض مثل الآس والحضض والناردين‏.‏

واستعمالها يكون من كلّ صنف ما ذكر وأكثرها من باب الحشو فمن ذلك تحشى بسكّ وسعد أو بسكّ ممسك وحده فإنه يمنع التآكل ويسكّن الوجع أو يحشى بمصطكى وسعد أو بمرّ أو بميعة أو بعفص وحضض أو بميعة وأفيون أو بقنّة وكبريت أصفر وحضض أو بعلك البطم والفلفل أو بسك وعلك البطم والفوتنج أو بالشونيز المدقوق المعجون بالخلّ والعسل أو بالكبريت حشواً وطلاءً أو بزنجبيل مطبوخاً بعسل وخلّ فإنه غاية‏.‏

أو بحلتيت وقطران أو بحلتيت وشيح أو بحلتيت وحده ويغلى بموم لئلا يتحلّل فإنه شديد التسكين للوجع أو بالقير وحده أو مع الأدوية أو بالحضض والزاج وقد جرّب الكافور في الحشو فكان نافعاً غاية ويمنع زيادة التآكل ويسكّن الألم ويجب أن يستعين بما مضى في باب وجع الأسنان‏.‏

وقد يستعمل في ذلك أطلية من جندبيدستر وعاقرقرحا وأفيون وقنة أجزاء سواء وبفلفل وقاقلة بعسل أو عاقرقرحا ومر بعسل وحبة الخضراء بعسل أو تراب طيب صب عليه خل مغلي أو كبد عظاية أو كبريت حي بمثله حضض أو فلفل ولبن اليتّوع أو بورق وعاقرقرحا أو قنة وبزرينج أو ميعة وأفيون‏.‏

دواء جيد وصفته‏:‏ يؤخذ من البورق والبنج من كل واحد جزآن ومن العاقرقرحا والفلفل من كل واحد جزء من الأفيون ثلاثة أجزاء يوضع على الموضع‏.‏

وأيضاً‏:‏ يؤخذ من ميعة الرمان ومن الفلفل ومن الأبهل من كل واحد جزء ومن الميويزج وبزر الأنجرة والأفيون من كل واحد نصف جزء وقد يستعمل الحشو والطلاء معاً وقد يجعل على الموضع فلفنديون قوي أو سورنجان أو نورة جزآن نوشادر وشب ومرّ وعفص وأقاقيا وإيرسا جزء جزء وسعتر محرق وزبد البحر وربما زيد فيه قنة وقد ينفع من المضمضات الممسكة في الفم نفعاً عظيماً أن يطبخ أصول الكبر بالخل حتى يذهب نصف الخل ويمسك في الفم وقد يستعمل قطورات في نفس التآكل مثل الزرنيخ المذاب في الزيت يغلى فيه ويقطر في الأكحّال ومما ينفع أن يقطر في جانب السن المأكولة دهن اللوز‏.‏

 فصل في تفتت الأسنان وتكسرها

يكون السبب في ذلك في الأكثر استحالة مزاجها إلى رطوبة وقد يعرض أن تيبس يبساً شديداً‏.‏

والفرق بينهما الضمور وضدّه فإن كان هناك دليل تغيّر لون أو تأكل دلّ على مزاج رطب ذي مادة‏.‏

وعلاج‏:‏ الأول منع المادة وتقوية السن بالقوابض القوية المذكورة والشب‏.‏

والنوشادر قوي التأثير في ذلك فإن كانت مسخنة مع ذلك لم يغن إلا مثل الخربق الأسود معجوناً بالعسل‏.‏

وأما إن كان عن يبس فعلاجه علاج اليبس المذكور‏.‏

 فصل في تغير لون الأسنان

قد يكون ذلك لتغير لون ما يركبها من الطلاوة فيحدث قلح وربما تحجر في أصول السن تحجّراً يعسر قلعه وقد يكون لمادة رديئة تنفذ في جوهر السن وتتغير فيها ويفسد لونها إلى باذنجية ونحوها من غير أن يكون عليها قلح‏.‏

المعالجات‏:‏ أما الأوّل‏:‏ فيعالج بما يجلو وينقي مثل زبد البحر والملح والحرف المسحوق ورماد الصدف ورماد أصل القصب والزرواند المدحرج والصعتر المحرق والملح الأندراني أجزاء سواء وإن شئت زدت فيه صدف الحلزون محرقاً أو يؤخذ من القيشور المحرق جزء‏.‏

ومن الفلفل جزء ومن الحماما ثلاثة أجزاء ومن الساذج اثنان ومن الجصّ المحرق عشرة يدقّ ويستعمل‏.‏

فإن كان مفرطاً فالزنجار بالعسل ومما يبيض في الحال سحيق الغضار الصيني أو سحيق الزجاج أو المسحقونيا أو السنباذج وحجر الماس‏.‏

وأما الثاني‏:‏ فيعالج بما يحلل المادة ويخرجها ويجلو معاً مثل الفلفل والفوذج والقسط والزراوند المدحرج والحلتيت يخلط بالجالية المذكورة ومثل السنون الذي ذكرناه قبل هذا الباب‏.‏

سنون جيّد وصفته‏:‏ أصل الزراوند جزء قرن الأيل المحرق جزآن مصطكي ثلاثة أجزاء دهن الورد خمسة أجزاء يسحق ويستعمل‏.‏

آخر‏:‏ يؤخذ القيشور والملح المشوي والسوسن من كل واحد أربعة سعد خمسة سنبل واحد فلفل ستة‏.‏

آخر‏:‏ يؤخذ من الملح الذي صيّر في الإحراق كالجمر ثلاثة ومن الساذج جزآن ومن السنبل جزء وأيضاً رماد الصدف أربعة ورد يابس خمسة سعد ثلاثة فقاح الأذخر واحد‏.‏

 فصل في تسهيل نبات الأسنان

قد يعرض للصبيان أن يعسر نبات أسانهم فيألمون وربما شاركه استطلاق الطبيعة فيحتاج أن تعدل بالأطلية على البطن والعصارات المسقاة لإمساكها فيحتاج أن تطلى بالشيافات المذكورة في الكتاب الكلّي‏.‏

فمما يسهّل نبات الأسنان الدلك بالشحوم والأدمغة وخصوصاً بدماغ الأرنب مستخرجاً من رأسه بعد الطبخ والحنّاء والسمن ودهن السوسن‏.‏

وقد قيل أن لبن الكلبة ينفع في ذلك منفعة شديدة بالخاصية‏.‏

وإن اشتدّ الوجع طلي بعصارة عنب الثعلب بدهن ورد مسخّن ويجب أن يمنع المضغ على شيء له قوام بل يجب أن تدخل الظئر أصبعها في فمه حين ما يبتدئ بوجع لنبات الأسنان فتدلك لثّته دلكاً شديداً لتسيل عنه الرطوبة من طريق اللثّة ثم يمسح بالأدوية المذكورة‏.‏

وإذا ظهرت الأسنان يسيراً وجب أن يضمّد الرأس والعنق والفكّان بصوف مغموس في دهن مفتَر ويمطر أيضاً في أذنه الدهن وقد ذكرنا نحواً من هذا الباب في الكتاب الأول‏.‏ فصل في تدبير قلع الأسنان

إنه قد يتأدّى أمر السنّ الوجعة إلى أن لا تقبل علاجاً البتّة أو تكون كلما سكن ما يؤذيها من الآفة عاد عن قريب ثم تكون مجاورتها لسائر الأسنان مضرّة بها يعديها ما بها فلا يوجد إلى استصلاحها سبيل فيكون علاجها القلع‏.‏

وقد يقلع بالكلبتين بعد كشط ما يحيط بأصلها عنها‏.‏

ويجب أن يتأمّل قبل القلع فينظر هل العلّة في نفس السنّ فإنه لم تكن لم يجب أن تقلع فلا تقلعنّ وذلك حين يكون السبب في اللثّة أو في العصبة التي تحت السنّ فإن ذلك وإن خفّف الوجع قليلاً فليس يبطله بل يعود وإنما يخفّفه بما تحلّل من المادة في الحال وبما يوصل من الأدوية إليه‏.‏

وفي قلع ما لا يتحرّك من الأسنان خطر في أوقات كثيرة فربما كشف عن الفكّ وعفن جوهراً وهيّج وجعاً شديداً وربما هيّج وجع العين والحمّى‏.‏

وإذا علمت أن القلع يعسر ولا يحتمله المريض فليس من الصواب أن تُحرك بشدة فإن ذلك مما يزيد في الوجع على أنه يتفق أحياناً أن تكون العلة ليست في السنّ فإذا زعزعت انحلّت المادة التي تحتها وسكن الوجع‏.‏

وقد تقلع بالأدوية والأصوب أن يشرط حوالي السنّ بمبضع ويستعمل عليه الدواء‏.‏

فمن ذلك أن يؤخذ قشور أصل التوت وعاقرقرحا ويسحق في الشمس بخلّ ثقيف حتى يصير كالعسل ثم يطلى به أصل السن في اليوم ثلاث مرات أو يسحق العاقرقرحا ويشمس في الخلّ أربعين يوماً ثم يقطر على المشروط ويترك عليه ساعة أو ساعتين وقد درعت الصحيحة موماً ثم يجذب فيقلع‏.‏

أو يجعل بدل العاقرقرحا أصول قثاء الحمار أو تطلى بالزرنيخ المربى بالخلّ فإنه يرخيه أو يؤخذ بزر الأنجرة وقنه بالسوية أو بزر الأنجرة ومن الكندر ضعفه فيوضع في أصل الضرس‏.‏

وربما أغلي بورق التين فإنه يرخّيه ويقلعه بسهولة‏.‏

ودرديّ الخلّ نفسه عجيب‏.‏

أو يؤخذ قشور التوت وقشور الكبر والزرنيخ الأصفر والعاقرقرحا والعروق وأصول الحنظل وشبرم ويعجن بماء الشب أو بالخل الثقيف ويترك ثلاثة أيام ثم يطلى‏.‏

أو يؤخذ عروق صفر وقشور التوت من كل واحد جزء ومن الزرنيخ الأصفر جزءان يعجن بالعسل ويجعل حوالي الضرس مدة فإنه يقلعه‏.‏

أو يؤخذ أصل القيصوم ولبن اليتوع جزء وأصل اليتوع جزءان ويوضع عليه‏.‏

وإن كانت السنّ ضعيفة فأذب الشمع مع العسل في الشمس ثم قطّر عليه زيتاً

 فصل في تفتيت السنّ المتآكلة

وهو كالقلع بلا وجع‏:‏ يعجن الدقيق بلبن اليتوع ويوضع عليه ساعات فإنه يفتّت ويجب أن يوضع فيه ورق اللبلاب العظيم الحاد‏.‏

وشحم الضفدع الشجري قاطع مفتت وهو الضفدع الأخضر الذي يأوي النبات والشجر ويطفر من شجرة إلى شجرة‏.‏